تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

يعكسُ شعار اليوم الوطنيّ «مرابع الأجداد.. أمانة» ارتباطَ القطريين ببيئتهم ارتباطًا وثيقًا منذ القدم، فإذا نظرنا إلى تاريخ المنطقة فسنجدُ أن قطر وشبه الجزيرة العربية كانت في الماضي مروجًا وأنهارًا، والدليل على ذلك هو وجود النفط والغاز، الذي لا يتواجد إلا في حالة الغابات والأشجار الضخمة، وبالتالي عملية انطمار هذه النباتات، كونت لنا الهيدروكربون المعروف بالنفط والغاز الموجود في دولة قطر وشبه الجزيرة العربيّة.

ونلاحظ اليوم اهتمام الدولة بالبيئة من خلال إطلاق العديد من المُبادرات، مثل مبادرة زراعة مليون شجرة، التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تحسين التنوّع النباتي، من زيادة المساحات الخضراء والأشجار والمناظر الجميلة من جهة، وإلى تحسين المناخ بخفض درجة الحرارة وتقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون للحدّ من التلوّث من جهة أخرى، حيث تأتي هذه المُبادرة التي يجري تنفيذها قبل مونديال 2022 تأكيدًا على اهتمام الدولة بزيادة التشجير وتنمية الغطاء النباتي والمُحافظة على البيئة من خلال التعاون بين الجهات المُختلفة.

وفي لفتة بارعة تستحقّ الإشادة والتقدير وتؤكّد اهتمام الدولة بالتشجير، قام حضرة صاحب السّموّ الشّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدّى، نهاية الأسبوع الماضي، بغرس شجرة السدرة، إيذانًا من سموّه بتدشين مشروع حديقة متحف الأطفال «دَدُ» التابع لمتاحف قطر، وقام سموّ الأمير بغرس الشجرة رقم ستمئة ألف ضمن مبادرة زراعة مليون شجرة، وعقب ذلك استمع سموه إلى شرح حول أهداف مبادرة زراعة مليون شجرة ومشروع حديقة متحف الأطفال، وما يتضمنه من أنشطة متنوّعة وبرامج مُحفّزة وتفاعليّة واستكشافيّة.

وتركّز المبادرة على زراعة وغرس شتلات أشجار من البيئة المحليّة القطريّة، ومنها: سدر، غاف، سمر.. وذلك في مواقع مختلفة تمّ اختيارها لهذا الغرض، مثل: المحاور الطرقيّة الرئيسيّة، الطرق الدائريّة بالدوحة، طريق المجد، طريق الشمال، طريق الخور الساحلي، المدن الصناعيّة، مواقع محطات ووحدات مُعالجة وتخزين مياه الصرف الصحي، مواقع تجميع مياه الأمطار، مداخل المدن والبلديات، الحدائق العامّة والمدارس والمجمعات السكنيّة.

وكانت دولةُ قطر قد أعلنت التزامها بزراعة 10 ملايين شجرة بحلول عام 2030، مشيرةً إلى أن كل ذلك سيتم تنفيذه في إطار دعم الدوحة مُبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي تشمل زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة ضمن أكبر برامج زراعة الأشجار في العالم، لتحقيق 5 في المئة من النسبة العالميّة المُستهدفة في مجال التشجير، حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا كما كانت في السابق، وذلك لأن كوكب الأرض يمرّ بدورات مناخيّة متقلبّة.

وأعتقد من وجهة نظري أنه لا بد من وجود جدول زمني لتنفيذ المُبادرات وتحديد الأماكن المُراد تشجيرُها حتى نحقق الهدف المنشود بزراعة مليون شجرة في 2022، و10 ملايين شجرة بحلول 2030، فمن الضروري أن تحتوي خُطة التشجير على نباتات مُثمرة مثل (الليمون، السدر، المورينجا، التين، التوت، الكمثرى) مع توفير الظروف المُناسبة بوضع أشجار بجوارها كمصدّات للريح، واستهداف الشوارع الخارجيّة مثل خط دخان ومسيعيد والوكرة والشمال، وفي ذات الوقت الاستفادة من أجهزة استقطاب بخار الماء في عملية الري، باعتبار أن دولة قطر يوجد بها ضباب بكميات كبيرة في فصل الشتاء خصوصًا على الشواطئ، فهناك أجهزة تقتنص بخار الماء المُتمثل في الضباب الذي قد يسبب الحوادث ويعيق حركة السير، وتحوّله إلى ماء يصلح لري الأشجار والنباتات، وبالتالي نكون قد ضربنا عصفورَين بحجر واحد، ولتقليل استهلاك مياه الري هناك قطع خزفية توضع في داخل النبتة بطريقة تقنية يتم من خلالها ترشيح الماء لجذور الأشجار التي نحتاج إليها في توفير كَمّيات من الأكسجين، باعتبار أن كل شجرة تعطي أقل شيء 10 لترات من الأكسجين وبعض الأشجار تنتج حوالي 40 لترًا من الأكسجين.

والله ولي التوفيق،،،

 

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر