تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

مع انتهاءِ الاختبارات وحلولِ العطلة الصيفية، يحزمُ الكثيرون أمتعتَهم استعدادًا للسفرِ للاستمتاعِ بأجواءِ الإجازةِ في أماكنَ أخرى من العالمِ، مُعللينَ تلكَ الرغبةَ بتجديدِ نشاطِهم وحيويتِهم، واستعادةِ وجه الحياة بصورة إيجابية، حتى يعودوا إلى بيئة عملهم ومدارسهم بعد انقضاءِ العطلة، وهم أكثر استعدادًا لمُواصلة مهامِهم الوظيفية والدراسية بكفاءة.

ولكن كثيرًا ما تنقلبُ العطلة الصيفية من فرصةٍ للراحة والاستجمام والتقاط الأنفاس وتجديد الروتين إلى عبء اجتماعي ومادي ثقيل على الأسرة، لتظل دائرة الالتزامات المادية تضغطهم نفسيًا بداية من أقساط المدارس ودوامة الامتحانات إلى سفر العائلات خلال الصيف أو تسجيل الأبناء في أنشطة مُتنوّعة تستثمر فراغهم في فترة العطلة الصيفية.

وربما يملك البعض وجهة نظر في التخطيط للاستفادة من الإجازة بدون أعباء، لكنَّ هناك أسرًا عديدة تسقط في براثن المصاريف وتتضاعف ديونها لدى البنوك نتيجة المُبالغة في الإنفاق والرفاهية والسياحة والتكالب على شراء الكماليات، وتتحول العطلة من نعمة إلى نقمة، باعتبار أن مرور العطلة الصيفية من دون استثمارها في أشياء مُفيدة، قد يُسبّب الملل والاكتئاب لدى الطلبة والأهل نتيجة التواجد لأوقات طويلة داخل المنزل من دون عمل.

وفي اعتقادي أن الأولويات هي التي تُحدّد الموقف، فليس من المعقول توفير مبالغ بالديون وبشكل سنوي للسفر، وهناك حاجات أساسية للأسرة تبقى غير موفّرة بسبب ضيق ذات اليد، من أجل نشوة قصيرة لا تستمر سوى أيام، يعود بعدها ربُّ الأسرة يُحدِّث نفسه لأشهر عن ضياع مبالغ كبيرة كان يمكن استثمارها في جوانب أفضل تعود على الأسرة بالنفع، خصوصًا في ظل الوضع الحالي الذي أصبح فيه التفاخر والتباهي معتادًا في مُجتمعاتنا العربية والخليجية على وجه الخصوص، فتجد الشخص كلما سافر إلى وجهة بدأ بالتصوير والنشر، وتحوّل السفر عند البعض إلى ضرورة للتصوير، وأمر إلزامي، بسبب المظاهر، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى الاستدانة أو القروض أو التكليف على النفس من أجل مُجاراة الآخرين في حياتهم، وبلا شك فإن الاقتراض والوقوع في فخ الديون والقروض سواء البنكية أو الشخصية ينطوي على ترفيه صيفي مؤقت، مُقابل مخاطر جمة على الفرد والأسرة عمومًا، والوقوع بمحض الإرادة في متاهة تلك القروض حيث تنقلب المتعة الصيفية بالسفر وقضاء أوقات مُمتعة خلال أشهر الصيف إلى نقمة بعد العودة لأرض الوطن، حيث يبدأ البنك في اقتطاع أقساط شهرية مُستحقة على تلك القروض، وهو ما يأتي على حساب رزق الأسرة ودخلها الشهري، فالأسر التي تلجأ إلى الاقتراض لغرض السفر، لا تستطيع أن تواكبَ حياتها كما تشاء، فالديون تتراكم عليها، وتصبح غير قادرة على السداد لهذه البنوك التي تُطالب باسترداد أموالها.

وإذا استطاعت الأسرةُ التخطيطَ للسفر بشكل سليم وبدون ديون وتكاليف، فإن قضاء العطلة الصيفية خارج الوطن هو نوع من أنواع الترويح والاستجمام، قبل بداية الدوام الدراسي الجديد، الذي يمنع الكثير من أهالي قطر من السفر طَوال فترة الدراسة، وبما أن قطر تظل في القلب فإنهم بحاجة إلى الاستجمام والراحة في بلد آخر، باعتبار أنهم موجودون بالدولة طيلة شهور السنة، لذا فمن الطبيعي قضاء العطلة بالخارج، لاستكشاف معالم دول أخرى، وقضاء الوقت مع الأهل والأصدقاء، والترويح عن النفس والهروب من المشاكل والضغوط الحياتية.

ولتقليل فكرة السفر للخارج يجب ألا تقتصرَ المهرجانات والفعاليات السياحية بالدولة على مُناسبات مُعينة مثل الأعياد فقط، ولكن يجب تنظيمها بصفة دورية وبشكل يتوزّع على مدار العام بشكل مُتوازن، بما يمنح المواطنين والمُقيمين في قطر فرصةً للترفيه عن أنفسهم بعيدًا عن أجواء العمل، ودون الحاجة للسفر إلى الخارج لقضاء العطلات والإجازات الصيفية.

والله ولي التوفيق،،،

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر