احتفل العالمُ الأسبوعَ الماضي بيوم الغذاء العالمي، الذي يهدف إلى زيادة التوعية بمكافحة الجوع وآثاره، وتسليط الضوء على الجياع ومعاناتهم نتيجة نقص الغذاء في دول العالم، حيث يعتبر يوم «16» أكتوبر من كل عام للاحتفال عالميًّا باليوم العالميّ للغذاء.
وتستهدف الأمم المتحدة تحقيق هدف «صفر جوع» بحلول عام 2030، وهو أحد أهداف التنمية المُستدامة، ولتحقيق هذا الهدف، يجب زيادة الاستثمار في الزراعة المُستدامة وتحسين البنية التحتية الزراعية، وتوفير فرص عمل في القطاع الزراعي، بالإضافة إلى تعزيز الابتكار والتكنولوجيا في مجال الزراعة وتعزيز التعاون الدولي لتحقيق الأمن الغذائي.
ولقد قرأتُ أثناء تجوالي في بحثي عن موضوع الغذاء العالمي والإسراف في الطعام، إحصاءات وأرقامًا صادمةً عن الطعام المُهدَر في الوطن العربي طوال أيام السنة عمومًا، وفي شهر رمضان على وجه الخصوص، حيث تقولُ الإحصاءات: إنَّ دول الشرق الأوسط تضيّع ما مقداره «1.3» مليار طن من المواد الغذائية سنويًا، أي ما يساوي تريليون دولار أمريكي، حيث إنَّ ربع هذه الكَمية التي تقبع في القُمامة قادرةٌ على إطعام الفقراء والجوعَى في العالم.
ويُعرف مفهوم الهدر الغذائي، بأنه كميات الأغذية التي يتم إتلافها أو التخلص منها بحيث لا تستهلك أو لا تكون صالحةً للاستهلاك الآدمي على مُختلف مستويات ومراحل سلسلة الإمداد الغذائي من الإنتاج وحتى الاستهلاك المنزلي، ويُعتبر الهدر من منظور اقتصادي دليلًا على عدم كفاءة في نظام الإنفاق، وضياعًا للمال، حيث يمكن الاستفادة منه أو ادخاره أو استثماره وتنشيط الاقتصاد من ورائه بدلًا من صرفه على فائض سيتحول إلى عبء إضافي.
والهدر من المنظور الاجتماعي يتمثلُ في التباهي بكَميات وأنواع الأطعمة التي يتم طرحها على طاولات الطعام، هو هدر وإسراف عبر المُبالغة في الإنفاق غير الضروري دون فائدة وإنما لمجرد المُباهاة، خصوصًا خلال شهر الصيام، حيث إن تقارير إحصائية تُشيرُ إلى أنَّ نصف الطعام يتم التخلص منه عن طريق إلقائه في القُمامة من قِبل الأفراد والأسر، بما يؤشر إلى أن الطعام المُقدَّم يفوق قدرة الصائم على تناوله، وهذا ما نهى عنه الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم-، وأكَّدت عليه الآية الكريمة: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، الأمر الذي يتطلب نشر ثقافة حفظ النعمة ومُحاربة الإسراف، حيث يُعوَّل على الإعلام وتأثيره في إيصال الرسالة إلى أكبر شريحة مُمكنة.
وفي اعتقادي مطلوب وضع خطة وطنية للحد من هدر الغذاء، وتحديد الأسباب الرئيسية لإهدار الطعام على طول سلسلة التوريد في الدولة، بدءًا من بائع التجزئة إلى المُستهلك، ووضع سياسات واستراتيجيات اتصال لتقليل هدر الطعام وتخفيف آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر