تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

لا شك أن الطالب هو حجر الزاوية بالنسبة للمنظومة التعليميّة، حيث تُبنى عليه كافة العناصر والمُتغيّرات الأخرى، باعتباره «المحور الرئيسي» الذي يُسلَّط عليه الضوء، فوزارة التربية والتعليم وكل من فيها، جميعها عناصر وُضعت من أجل الطالب، وتُطوَّر وتُحسَّن من أجل الارتقاء به، ومهما كانت الفلسفة التي بُنيت عليها تلك المنظومة، فإن أهدافها تنصبّ على النمو النفسي والعقلي والجسمي والعاطفي والاجتماعي للطالب.

لذلك سوف نتحدثُ اليوم عن ضرورة وجود مُجتمع مدرسي يُحقق للطالب الصحة النفسية والراحة النفسية التي تُساعده على استيعاب المناهج بسهولة وبدون أي ضغط من الأهل أو المدرسة، وبالتالي ينشأ طالب سوي نفسيًا يستطيع أن يكونَ في المُستقبل لبنة خيّرة من لبنات مُجتمعه، وعنصرًا فعالًا نشطًا، قادرًا على تحمّل المسؤوليات والأعباء، التي ستُلقى على كاهله، مُتفاعلًا مع الأحداث التي تمرّ به، مالكًا للمهارات الأساسية التي تُساعده في حلّ المشكلات، مُستعدًا للتكيّف مع الظروف التي يعيشها، مُتيقظًا للمُتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية، ومُستجيبًا لما تتطلبه تلك المُتغيرات.

ومن واجبنا في هذه الفترة تسليط الضوء على الجوانب الصحيّة للحفاظ على أعلى مستوى من الصحة العقلية والسلوكية والنفسية للطالب من خلال تقديم إرشادات ونصائح توعوية حول أهمية المُحافظة على الصحة النفسية والسلوكية، بما يُساهم في تمكين الطلاب جسديًا ونفسيًا وعقليًا وسلوكيًا، وإعدادهم للانخراط في العملية التعليميّة مع التمتع بالصحة الشاملة، إلى جانب رفع مستوى الوعي الصحي للطلبة وأولياء أمورهم والكادر المدرسي، حول العديد من المسائل المُتعلقة بالصحة الجسدية والنفسية والسلوكية للطلاب.

ويظل الاهتمام بتفعيل دور الطالب في العملية التعليمية، وجعله محورًا أساسيًا لها، من أهم ركائز التطوير، التي تُساهم في تنشئة أجيال قادرة على الإبداع والتميّز، وذلك لا يتم إلا باتباع طرق تدريس حديثة، وأكثر فاعلية، تهدف إلى تفعيل دور الطالب، من أجل دعم قدراته على التحصيل الأكاديمي، وحتى نتمكن من المضي قدمًا في هذه السلسلة من المقالات، كان لا بد لنا من وقفة مع الطلاب أنفسهم، لمعرفة رغباتهم وتطلعاتهم وأحلامهم وطموحاتهم في المُستقبل القريب، ومدى رضا كل واحد منهم عن المناهج التربوية في البيئة المدرسية، والطرق المُتبعة في التدريس، وغيرها من عناصر العملية التعليمية والتربوية.

وتعتبر المدرسة، هي المؤسسة الاجتماعية التي تلي الأسرة مباشرة في أهميتها وتأثيرها في الصحة النفسية ودرجة توافق الطلبة نفسيًا واجتماعيًا، فهي ليست مجرد مكان يتم فيه تعلم المهارات الأكاديمية والعلمية، وإنما هي مُجتمع مُصغّر يتفاعل فيه الأعضاء ويؤثر بعضهم في البعض الآخر، وإذا كانت أسس الصحة النفسية للطلبة تبدأ في البيت خلال السنوات التكوينية الأولى لحياته، إلا أن المدرسة تظل رغم ذلك ذات أثر تكويني مهم في حياة الطالب وشخصيته لا يكاد يقلُّ عن أثر البيت، ذلك أن المفهوم الحديث للمدرسة لا يقتصر على مجرد كونها مكانًا يتزود الطالب فيه بالمعرفة وحسب، بل مجال تتفتح فيه شخصيته وترقى في مُحيطه إمكاناته وتنمو فاعليته في المُجتمع، لذلك يجب أن تعطي المدارس الصحة النفسية أولوية، وأن تكون إداراتها جاهزة بالإمكانات البشرية والمُعدات والكوادر الطبية، التي تُمكنها من أداء دورها بكفاءة عالية، لأن غياب هذه الإمكانات، يؤدي لمُضاعفة المشاكل النفسية لدى الطلبة، فيزداد قلقهم أو توترهم أو صراعاتهم الداخلية بدلًا من أن تقل، فالأزمات النفسية تقود الطلاب إلى الهدر التربوي وإهمال التعليم وعدم الاستفادة منه بمراحله المُختلفة.

والله ولي التوفيق،،،

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر