تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

يُشكِّل ابتعاد طلبة المرحلة الثانوية عن اختيار المسار العلمي ظاهرةً تبحث عن حلول، خاصةً في الوقت الذي يحتاج فيه السوق إلى كوادر علمية مؤهلة تُحقق للدولة ما تصبو إليه من ارتقاء علمي، وأيضًا وصولًا إلى مُتطلبات استراتيجية ورؤية قطر الوطنية 2030.

وفي اعتقادي لا بد من وجود أجندة تعليمية واضحة، من قِبل الجهات العُليا للدولة تتضمن تحفيز خريجي الكليات العلمية، والنظر في رواتبهم والحوافز المادية، بهدف تشجيع الطلبة المواطنين على الالتحاق بالتخصصات العلمية، إذ تحتاج دولة قطر إلى كوادر مواطنة في جميع فروع الصناعات والهندسات ومُختلف التخصصات العلمية لتحقيق هدف التنافسية والوصول إلى أفضل المراكز على مُستوى العالم.

وهذا الأمر يتطلب تضافر جهود جميع الجهات على كافة المُستويات لدعم هذا التوجه، خصوصًا من قِبل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، باعتبارها الجهة المعنية الأولى بهذا التوجّه وتأخذ دور «الدينمو» المُحرِّك في السياسات العُليا التي تضعها الدولة فيما يخص الاستفادة من الكوادر الوطنية، وعليها وضع آليات وبرامج لنشر ثقافة العلوم الأساسية، وجذب الطلبة إليها بين أولياء الأمور والطلبة وجميع أطياف المُجتمع، ونحن اليوم بتنا في أمسّ الحاجة إلى زيادة جرعة هذه الثقافة على جميع المُستويات لأنها لا تزال ضعيفةً.

ولا شك أن تسرب الطلبة إلى القسم الأدبي لن يُحققَ مُتطلبات التنمية التي تنشدها دولة قطر، بخلق جيل من الشباب القطري في المجال العلمي والتقني، يُساعد في تقليص الاعتماد على النفط والغاز كمصدر دخل للدولة، بفتح المجال للصناعات الحديثة والتقنية، التي تحتاج إلى كوادر وطنية لها قدرات وكفاءات تقنية وتتمتع بمهارات عالية لتشغيل تلك المشاريع وضمان استمراريتها في الدولة، فضمان الديمومة يأتي من خلال وجود الأيادي الوطنية الفنية، لذلك لا بد من وجود بيئة تعليمية مُحفزة لجعل الطالب يلتحق بالقسم العلمي من خلال توفير المُغريات التي تُشجّع الطلبة على الالتحاق بالقسم العلمي وتربط بين الجانبين النظري والتطبيقي لتواكب النهضة والتطور اللذين حققتهما دولة قطر.

ويجب على الشباب الذي ينخرط في التعليم أن يُثقفَ نفسه بدراسة احتياجات سوق العمل، ثم يختار التخصص الذي تحتاجه المؤسسات ويتناسب مع شخصيته المهنية واهتماماته، لا التخصص الذي يقترحه عليه أصدقاؤه أو يراه سهلًا في دراسته، إلى جانب تعزيز ثقافة وجود المُرشدين المهنيين في المدارس والجامعات الحكومية، الذين من الممكن أن يقوموا بدور فعَّال في مُساعدة الطلاب والخريجين في اختيار التخصص المُناسب وإعدادهم للمهارات الوظيفية الضرورية للتنافس في سوق العمل.

وطلابنا اليوم بحاجة إلى التحفيز والدعم العاطفي الذي يُنمّي روح التفكير الإبداعي والثقة بالنفس، فالأنظمة التعليمية الحالية تحتاج إلى ثورة إصلاحية على مُستوى المناهج وطرق التدريس تواكب ثورة العالم اقتصاديًا وتكنولوجيًا، بشكل يُتيح للمُدرسين وسائل أكثر وحرية أكبر للإبداع في مهنتهم واختيار ما يُناسب تطلعاتهم لتجهيز جيل المُستقبل.

والله ولي التوفيق،،،

 

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر