تعتبر بيئة الشركات الناشئة في قطر مكانًا واعدًا لرواد الأعمال والمستثمرين، حيث تدرك القيادة الرشيدة للدولة الدور الحاسم الذي تلعبه تلك الشركات في تحقيق الازدهار، خاصة مع تحوّلها الجاري من اقتصاد قائم على النفط والغاز إلى آخر أكثر تنوعًا، حيث توفر مبالغ مالية كبيرة يتم استثمارها في أفكار جديدة ومبدعة.
ولقد شيّدت دولة قطر بنية تحتية مميزة تدعم نمو الأعمال، وتُعنى بكافة النواحي من الاستدامة البيئية، وصولًا إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقود المؤسسات التعليمية ذات المستوى العالمي في الدولة، على غرار جامعة كارنيجي ميلون في قطر، وجامعة حمد بن خليفة، جهود البحث والتطوير، وتغرس أُسس ثقافة ريادة الأعمال، كما تدعم حاضنات ومراكز تسريع الأعمال، مثل مركز قطر للتكنولوجيا المالية، وواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، الجهود الحكومية لإنشاء بيئة مزدهرة للشركات الناشئة، من خلال استقطاب رواد الأعمال الواعدين من شتى أنحاء العالم للعمل في قطر.
وأسعدني ما أعلنته صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المُجتمع، في مُلتقى خريجي مؤسسة قطر السنوي الأسبوع الماضي، وهي تؤكد التزام المؤسسة بمواصلة دعم خريجيها، مُعلنةً عن إنشاء صندوق دعم تطوير الشركات الناشئة لخريجي مؤسسة قطر بهدف توفير مُختلف أوجه الدعم لهم، حيث يهدفُ مُلتقى خريجي مؤسسة قطر السنوي إلى تعزيز التواصل بين الخريجين من جهة وبين صنّاع القرار في العديد من المجالات، وإتاحة الفرصة لهم لتبادل خبراتهم وآرائهم حيال الموضوعات التي تهمّهم، والتحديات التي قد تواجههم في الحياة العملية.
وكانت جامعة قطر هي الأخرى قد دشنت مؤخرًا شركة كليرإكسهوست (ClearExhaust) وهي الشركة الناشئة الثانية التي يتم تأسيسها بدعم شركة جامعة قطر القابضة التي أعلن عنها قبل عام تقريبًا لاحتضان الأفكار الإبداعية والابتكارات في الجامعة، وتستند هذه الشركة الناشئة على ابتكار وتصميم تكنولوجيا جديدة تعِد بالحد جذريًا من انبعاثات الكربون من محركات الديزل، التي تعتبر عاملًا رئيسيًا في ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ يعتبر هذا المشروع نتيجة مباشرة للخطوات المتسارعة التي اتخذتها الجامعة مؤخرًا لإنشاء منظومة شاملة للتنمية الاقتصادية في الجامعة، لتمكين نقل ابتكاراتها وأبحاثها إلى تأثير اجتماعي واقتصادي مستدام لدولة قطر، وذلك مساهمةً في رؤية قطر الوطنية 2030.
وتولي استراتيجية قطر للبحوث والتطوير والابتكار 2030 اهتمامًا كبيرًا بقطاع الأعمال، الذي يتألف من المؤسسات المحلية الكبيرة والشركات العالمية، والشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، وذلك باعتباره محركًا أساسيًا للابتكار القائم على البحث والتطوير، كما تلعب الجهات الحكومية أيضًا دورًا رئيسيًا يشمل تمكين نشاط قطاع الأعمال، وشراء المنتجات والخدمات المبتكرة، بالإضافة إلى اضطلاعها بإجراء أنشطة الابتكار، وترجمة المخرجات البحثية إلى سياسات مبتكرة تعود بالنفع على الدولة.
ويلاحظ الراصد لمجريات الأمور أن بيئة ريادة الأعمال في دولة قطر تتميز بأنها محفزة على الإبداع وتشجع التفكير الابتكاري بين القطريين والمقيمين، لاسيما مع وجود عدد كبير من الجهات الداعمة مثل بنك قطر للتنمية، والذي يهدف إلى تعزيز روح المبادرة عند القطاع الخاص وتوفير الخدمات التي من شأنها تسهيل التطور والنمو والتنوع في المجالات الاقتصادية، من خلال توفير الوصول إلى المعلومات واحتضان وتنمية قدرات الشركات الناشئة والمتوسطة، وتوفير الوصول إلى التمويل من خلال التمويل المباشر وإصدار الضمانات والاستثمار في الشركات الناشئة والمتوسطة، وكذلك توفير الوصول إلى الأسواق من خلال توطين الفرص المحلية للشركات الصغيرة والمتوسطة وفتح أسواق جديدة عالمية للمصدرين القطريين وتأمين وتمويل الصادرات.
والله ولي التوفيق ،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر