لم يكن النجاح الباهر الذي حققته دولةُ قطر في استضافة المونديال العام الماضي، بفضل البنى التحتية المُتميّزة، واعتماد التقنيات المُتطوّرة فقط، وإنما الفضل الأكبر في ذلك يعود لجيش المُتطوّعين الذين أسهموا في إثراء تجرِبة المُشجعين، ونشر ثقافة التنوّع، باعتبار أن تجرِبة التطوع تزخر بالكثير من المزايا، ومن ضمنها تعزيز تواصل الثقافات بين أفراد فريق العمل والمُشجعين، لذلك نجحوا في مدّ جسور التعاون بين الشعوب وبناء الحوار الإيجابي، بفضل القوة المؤثرة لرياضة كرة القدم وشغف الجماهير بها. ويتوقع أن نستعيدَ تجرِبة النجاح المونديالية مرة أخرى، مع إطلاق البرنامج التطوّعي لاستضافة معرض البستنة الأول الذي سيتم تنظيمه في الشرق الأوسط، والمُقرر إقامته بدولة قطر خلال الفترة من الثاني من أكتوبر المُقبل وحتى الثامن والعشرين من مارس 2024، حيث دعت اللجنة المُنظمة لمعرض «إكسبو 2023» الدوحة للبستنة، جميع القطريين والمُقيمين في سن الثامنة عشرة فما فوق إلى مُشاركة مهاراتهم وشغفهم وحماسهم لرفع الوعي حول مشكلة التصحر، مع التركيز على هدف شعار المعرض «صحراء خضراء.. بيئة أفضل» للمُساهمة في نجاح استضافة هذا الحدث العالمي الذي تستضيفه الدولة. وسيكون المعرض فرصةً فريدةً للمُتطوّعين للانخراط في تقديم الخِدمات للزوار والأنشطة الثقافية والمراسم الاحتفالية وغيرها من المهام التطوّعية، كون البرنامج التطوّعي يوفّر للمُتطوّعين تدريبًا شاملًا ودعمًا مُستمرًا من المُرشدين لتأهيلهم فيما يتعلق ببناء العلاقات والمُساهمة في إجراء حوار عالمي بنّاء، حيث من المُقرّر أن يتمركزَ المُتطوّعون الذين يقع عليهم الاختيار في حديقة البدع التي ستستضيف فعاليات «إكسبو 2023» الدوحة للبستنة، ويبحث البرنامج التطوّعي لمعرض البستنة الأول بالشرق الأوسط عن أفراد شغوفين فوق سن الثامنة عشرة للانضمام إلى فريق العمل الديناميكي بالمعرض، حيث يتوقع من المُرشحين المُحتملين أن يكونوا قادرين على التكيّف مع بيئة العمل وأداء مهامهم بإتقان سواء كأفراد أو كجزء من فريق العمل، بالإضافة إلى امتلاكهم الروح الإيجابية. ولا شك أن العمل التطوّعي أصبح جزءًا من الحياة العامة، ولعلَّ الواقع الذي نعيشه أصبح أكثر فاعلية لكل فرد لديه شغف العمل التطوّعي لخدمة الآخرين، نظرًا لتعدد البرامج والأنشطة والفعاليات في الدولة واهتمام المؤسسات والمراكز التي تعنى بالعمل التطوعي في استقطاب نخبة من أفراد المُجتمع للاستفادة من خبراتهم وتطوير المُهتمين منهم في مُختلف المجالات، فالعمل التطوّعي عمل جميل ومُثمر، من خلاله يكتسب الإنسان العديد من الخبرات في مُختلف المجالات حتى إذا كان تخصصه مُختلفًا عن المهام التطوعية التي يقوم بها، باعتبار أن مجالات التطوع مُتعددة، منها الخيرية والإنسانية، وهذه لها طابع خاص في العمل والأجر والثواب، ومنها كذلك التطوّع من أجل خدمة البلاد في المحافل المُختلفة لرد الجميل للوطن.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر