تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

تتمتعُ العشر الأوائل من ذي الحجة بمكانةٍ خاصةٍ في الإسلام؛ لما لها من تشريف وفضائل كثيرة وخصائص لا تتوافر لغيرها، حيث قال النبي صلَّى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام»، لذلك علينا أن نجتهدَ ونلتزمَ فيها بالطاعات والعبادات، فهنيئًا لمن عمل صالحًا في هذه الأيام المُباركة، التي جعل الله سبحانه وتعالى ثواب العمل فيها ليس كغيرها، وخصّها بفريضة الحج الركن الخامس في الإسلام.

ولا شك أن المُحافظة على العبادات والصلوات، تمنحُ النفس السعادة الروحية، وتملأ القلب بالأمان والاطمئنان والسلام الداخلي والهدوء والسكينة، والتخلص من الخوف والتوتر، فالسلام النفسي يمنح الإنسان القوة اللازمة من أجل تخطي الصعاب التي تواجهه في حياته، سواء كان في العمل أو المنزل أو حتى في تعامله مع الآخرين، فهو يعتبر قمة الهرم الروحي للعيش بسعادة وهناء وراحة بال، بمُضاعفة الطاعات والإكثار من العبادات.

وهذه الأيام المُباركة لا يتوقف عطاؤُها على ثمار الصوم فقط، بل لها عطاءات مُتعددة ومُتنوعة ينبغي الحرص عليها، لأنها تُضاعف أجر وثواب الصوم، فلا معنى لصوم بدون صلاة، ولا يتكامل أجر العبادتين دون الوفاء بأجر الزكاة، والصدقات التطوعية والإنفاق على الفقراء والمساكين، ويُضاف لكل هذه العطاءات أجر وثواب مُدارسة القرآن في العشر الأوائل من ذي الحجة، كل هذه العبادات ينبغي أن تكون في خريطة كل مُسلم.

مع العلم بأن العبادة والطاعة في فلسفة الإسلام ليس لهما مواسم ومُناسبات تؤدَّيان فيهما ثم تهملان بعد ذلك، فالمُسلم في عبادة وطاعة لله في كل لحظة، لكن اختص الله بعض الأيام ليكون أجر العبادة والطاعة فيها مُضاعفًا، ومن هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، التي تذكرنا أن لدينا أيامًا معدودة في هذه الدنيا، فالأيام المُباركة تأتي وتذهب كما أيام الحياة، لذلك يجب أن نستثمرها بأفضل طريقة مُمكنة، وذلك بالإكثار من العمل الصالح.

ومن الجميل أن نتحلى في هذه الأيام المُباركة بالذوق وحُسن الأخلاق في تعاملنا مع الغير، وأن نَزنَ كلماتنا قبل أن نتفوّهَ بها، وأن ننتبهَ إلى تصرّفاتنا قبل أن تصدر منا، فنحن نستمدّ أخلاقنا وحُسن تعاملنا وحديثنا وتصرّفاتنا من ديننا الحنيف ومن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان مثالًا يُحتذى به في كلامه وتصرفاته مع الآخرين، والخادم لم يكن يُعامله «صلى الله عليه وسلم» إلا مُعاملة طيّبة، فيا ليتنا نتخذ سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم قدوةً لنا، ومثلًا أعلى في كل أمور حياتنا، وقد حثَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم على حُسن الخُلق، والتمسك به في تعاملنا مع بعضنا بعضًا، خصوصًا في مثل هذه الأيام المُباركة من العام.

ختامًا، تذكروا أداء الصلوات في مواعيدها، فهي من أحبّ وأفضل العبادات وأقربها إلى المولى، عزّ وجلّ، ففيها تتحقق صلة المخلوق بخالقه، كما أنّ لها منزلة لا تَعدِلُها منزلة أيّة عبادة أخرى، فهي عماد الدّين الذي لا يقوم إلا بها، وأكبر دليل على أهمية أداء الصلاة أنّها فُرضت في السماء السابعة مُباشرةً بين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج، وبالصلاة يتحقق توازن الظاهر والباطن للإنسان، ولكي يؤديها عليه أن يكونَ مؤهلًا جسديًا وروحيًا، بأن يكون نظيف الجسد طاهرًا، من جهة، وقاطعًا لكل صلة له بهذا العالم الفاني حين وقوفه بين يدي خالقه، من جهة ثانية، حتى يكون اتصاله الروحي كاملًا، فبذلك تطهر النفس وتنقّى الروح من أدران المادة، وتجعل القلب والعقل يتوجهان إلى الخير والحق والجمال.

والله ولي التوفيق،،،

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر