احتفلْنا الأسبوعَ الماضِي باليوم الرياضي للدولة، وسنحتفي الأسبوعَ المُقبل بيوم البيئة القطري الذي يُصادف السادس والعشرين من الشهر الجاري، وهناك علاقةٌ وثيقةٌ بين الرياضة والحفاظ على البيئة، ليست على مستوى شهر فبراير الذي يشهد احتفال الدولة باليوم الرياضي في نصفه الأول، والاحتفال بيوم البيئة القطري في نصفه الثاني.
بل من ناحية تعزيز المفاهيم البيئية من خلال الأنشطة الرياضية، الأمر الذي يجعلنا نُفكر جديًا في أن نُطلقَ على الشهر «فبراير الأخضر» مثلما يُطلقون على شهر التوعية بسرطان الثدي «أكتوبر الوردي»، وذلك لأن الرياضة يمكن أن تُستخدمَ في ركائز التنمية المُستدامة، من خلال توظيف شعبيتها في ترسيخ مبادئ الوعي البيئي واحترام الطبيعة.
كما أن قواعد وأسس ممارسة الرياضة تعتمد على نُظم وأحكام لا بد من الحفاظ عليها، ومن ثم فإن المُحافظة على البيئة تأتي ضمن أولويات مُمارسة الرياضة، كالاهتمام بتصميم وبناء المُنشآت الرياضية وإدارتها وَفق المعايير البيئية التي تحفظ وتُدير استهلاك الطاقة الكهربائية، وتُعزز استخدام مصادر الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية على سبيل المثال.
ولا شك أنَّ حماية البيئة مسؤوليَّة مُشتركة لكافة أفراد المُجتمع، وليست مسؤولية وزارة البيئة والتغير المناخي وحدها، باعتبار أن الحفاظ على البيئة لم يعد ترفًا في وقتنا الراهن، الذي وصل فيه التلوث لكل شيء من حولنا، وانتشرت الكوارث البيئية الناجمة عن هذا التلوث في العالم، بما يستدعي من جميع القطاعات في المُجتمع وقفةً جادةً للتخفيف من حدته ومن آثاره الضارة بالبيئة، في مُحاولة لإيجاد الحلول الناجعة والمُبتكرة لكافة تحدياتها.
ونجد أن دولة قطر تحرص كل الحرص على الاهتمام بقضايا البيئة التي تُعد إحدى الركائز الأساسية لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030م، التي تتوافق مع أهداف التنمية المُستدامة للأمم المُتحدة وطموح دولة قطر لبلوغ مركز قيادي في المنطقة من خلال تنفيذ العديد من المشاريع والمُبادرات التي تُساهم في الجهود المبذولة لخفض المُلوثات الهوائية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المُتجددة، والاهتمام بالجوانب البيئية المُتعلقة بالتغيرات المناخية لما لها من أهمية قصوى بالنسبة لدولة قطر ودول العالم ككل.
ولذلك يُعد الاحتفال بمُناسبة يوم البيئة القطري من الفعاليات البيئية المُهمة كونه يُسلط الضوء على أهمية البيئة والحفاظ عليها واستدامتها للأجيال القادمة، ما يُساهم بلا شك في تحسين مستوى الوعي البيئي لدى مُختلف أفراد وفئات المُجتمع، وبالتالي تغيير وتحسين أنماط سلوكنا تجاه مواردنا البيئية، في ظل ما تقوم به وزارةُ البيئة والتغير المناخي من جهودٍ على مدار العام بتنفيذها العديد من الحملات والبرامج والفعاليات التوعويَّة البيئية، وتخصيص هذا اليوم بالتحديد لتسليط الضوء على أهمية البيئة واستدامة مواردها، والحفاظ عليها من بعض السلوكيات التي تؤثر على الحياة البرية والبحرية، وكذلك بعض السلوكيات التي تؤثر على المناخ.
ونلاحظ أن دولة قطر وضعت منظومةً قانونيةً للبيئة، وأولتها جلّ الاهتمام في جميع موادها القانونية والإجرائية، وذلك بهدف حمايتها من تجاوزات المُخالفين، حيث ينظر القضاء في العديد من القضايا التي تمس البيئة مثل الإتلاف والتعدي على البيئة والتلوث بأنواعه البحري والبري والنباتي ورمي المُخلفات والدعس على النباتات وتشويه المحميات الطبيعية وغيرها، ويحرص قانون العقوبات على الأخذ بالعقوبة الأشد ضد المُخالفين من أجل الحفاظ على البر والبحر، ولهذا يجب إيلاء البيئة والحفاظ عليها جلّ اهتمام المؤسسات وأصحاب المشاريع الاستثمارية باعتبارها مُكوّنًا أساسيًا للحياة، وثروةً للأجيال القادمة إذا تمت المُحافظة عليها بعناية.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر