لقدْ أحسنتِ القيادةُ الرشيدةُ صنعًا بتعيينِ معالي الشَّيخ مُحمَّد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيسًا لمجلس الوزراء وزيرًا للخارجيَّة، فقد اختارت الشخصَ المناسب في المكان المناسب، حيث تاريخ الرجل يشهدُ له بهذا الاستحقاق والقدرة على إدارة شؤون البلاد.
وشاهدْنا جميعًا الأسبوع الماضي -وكلنا فخر واعتزاز- أوَّل حوار تلفزيوني مباشر لمعاليه بعد تولّيه المنصب في السابع من مارس الماضي، تطرَّق فيه إلى قضايا الشأن الداخلي والمواقف الخارجيَّة لدولة قطر حيال عددٍ من الملفات بالمِنطقة.
ويجسِّدُ معالي رئيس الوزراء الشاب الطموح الواثق من إمكاناته، مقولةَ «الرجل المناسب في المكان المناسب»، التي تعتبر من أهم مقولات النجاح في تاريخ البشرية، بل تكاد تكون المِفتاح الرئيسي لأي تطوُّر، فالأعمال تتباين من حيث السهولة والتعقيد، وأيضًا يختلف الأشخاصُ فيما بينهم، من ناحية المؤهلات والقوى العقلية، والبدنية، وكيفية الأسلوب، والأداء، كما أنَّ الأعمال متفاوتة فيما تحتاج إليه من قدرات، وإمكانات، ومؤهلات، وتتطلب عملية أداء الأعمال والوظائف بالشكل المنطقي والمناسب والعملي، أن يكون المؤدي لها يملك القدرة التي تناسبها وتلائِمها.
وفي اعتقادي أنَّ مناسبة الشخص لوظيفة معينة، تنطبق على كل مستويات العمل، وعلى مختلف أنواع الأشخاص، فتبدأ من أعلى المناصب القيادية في الدولة، إلى أن تصل لأقل الأعمال شأنًا في المجتمعات، فليس من المعقول أن يتقلد الشخصُ غيرَ المؤهل مقاليد الأمور ليتحكمَ بمصائر البلاد والعباد، بلا أدنى خبرةٍ بكيفيَّة تسيير أمورِهم، وأداء مصالحِهم الخاصة والعامة، وليس من المعقول أيضًا أن يوضع الشخص المؤهل في وظيفة لا تليقُ بإمكاناتِه ومؤهلاته.
كما أنَّ عدمَ اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، يؤدِّي إلى فقدان أصحاب الموهبة والكفاءة، والتبذير في الوقت والجهد والمال، فلو كان أصحاب الشأن والمسؤولية من ذوي الكفاءات في المجال والمنصب الذي هم فيه؛ لأدَّى ذلك إلى تغيرات جذرية في كل مجال يتم التعامل معه على هذه الشاكلة، فمثلًا على مستوى وزارة التعليم لو كان وزير وكوادر وزارات التعليم في الدول العربية بشكل عام يعرفون قيمة وأهمية المناصب التي هم فيها واستغلوها بشكل صحيح، ولم يجعلوها مجرد مناصب فخرية، لكان لهذه الوزارات دورٌ كبيرٌ في التقدم والرقي والازدهار باعتبار أن التعليم هو مصدر نهضة الدول والشعوب.
ولو أخذنا دولةً متقدمةً مثل اليابان، أو السويد، وحللنا أسبابَ تقدمها، سنخرج بأسباب كثيرة، أبرزها أنَّ مقولة الشخص المناسب جزءٌ مهم وجوهري في تقدمها، والعكس صحيح الفجوة الحضارية والتكنولوجية والفارق الهائل بين الدول المتقدمة والدول المُتخلفة يعود في جزء منه إلى تطبيق هذه المقولة.
ويعترفُ الخبراءُ والأكاديميون – على السواء – بأن كفاءة أداء الوزارات والهيئات والمؤسسات بصفة عامة، تتوقف على كفاءة إدارة العنصر البشري، وحل المشكلات الناجمة عنه، على أسس علمية، باعتبار أن الكفاءة هي الأساس في تحقيق النجاح في العمل، ولن تتحقق الكفاءة إلا إذا طبقت مقولة الشخص المناسب.
باختصار الكفاءة هي أداء العمل في الوقت المحدّد بالصورة المُثلى، بأقصى ما يمكن من عزم ومسؤولية وتكامل وإبداع، والكفء هو من يمتلك المهارات العقلية والثقافية والخبرة اللازمة لأداء عمله بكفاءة.
وأثبت اللقاءُ التلفزيوني أنَّ معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية قيادي من طراز رفيع، بتجاوبه مع مختلف القضايا التي كانت مثار حديث وتساؤل الحضور، رغم أنه لم يمضِ على توليه المنصب إلا نحو 38 يومًا، لكن إجاباته على مختلف تساؤلات مقدم الحوار والإعلاميين كانت تدل على أنه قريب من كل هذه القضايا والملفات، وضليع بها كأنه مضى عليه سنوات في هذا المنصب.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر