استضافة معرض «إكسبو 2023» الدوحة للبستنة، الذي يقام تحت شعار: «صحراء خضراء، بيئة أفضل»، لفتت الأنظار نحو إمكانيات دولة قطر، التي باتت مؤهلة لتطبيق تجربة السياحة البيئية أو الزراعية، بما تملكه من إمكانات كبيرة تجعلها قادرة على أن تسير بخطى ثابتة في هذا الجانب من السياحة، خصوصًا أن التحول إلى المدن الخضراء لم يعد مجرد خيار يمكن الأخذ به أو تجاوزه، ولكنه أصبح الخيار الوحيد الذي يمكن من خلاله مجابهة خطر التغيرات المناخية والتحديات البيئية التي يواجهها العالم، فالمدن الخضراء تكتسب أهميتها من أهمية وطبيعة التحدي الذي تواجهه البشرية الآن.
كما أن أنواع السياحة المستدامة كثيرة، وأهمها السياحة البيئية التي توفر لمحبيها الفرصة لاكتشاف البيئة عن قرب والتفاعل معها. وقد ظهر مصطلح السياحة البيئية منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وهو مصطلح حديث نسبيًا، جاء ليعبّر عن نوع جديد من النشاط السياحي الصديق للبيئة الذي يمارسه الإنسان، محافظًا على الميراث الفطري الطبيعي والحضاري للبيئة التي يعيش فيها، ويمارس فيها نشاطه وحياته.
وإذا تحدّثنا عن تجربة السياحة البيئية أو الزراعية في قطر، سنجد أن إقبال القطريين على السياحة الريفية في أوروبا خلال فترة الإجازة الصيفية، من الأمور التي من شأنها أن تشجع أصحاب المزارع في الدولة على تطبيق نظام السياحة الزراعية في قطر، بوصفها مكانًا مناسبًا لقضاء الإجازات العائلية الطويلة؛ حيث توفر أجواء مثالية للاستمتاع بالطبيعة والخدمات الأساسية التي يحتاجها السياح لما تتمتع به من مقومات طبيعية.
ومن واقع إدراكي لأهمية السياحة البيئية في الدولة، ظللتُ طوال السنوات الماضية أسعى من خلال مبادرة «مروج» إلى نشر ثقافة السياحة الزراعية في قطر، خاصة في ظل وجود عدد كبير من المزارع القطرية المميزة التي تصلح أن تكون مزارات سياحية للمواطنين والمقيمين وحتى للزوار من الخارج؛ لأن قطر بما تملكه من إمكانات كبيرة قادرة على أن تسير بخطى ثابتة في هذا الجانب من السياحة، وذلك بالتنسيق والتعاون مع أصحاب المزارع وقطر للسياحة، بحيث تكون الاستفادة مزدوجة سواء لأصحاب المزارع أو للسياحة بالدولة بصورة عامة، كما أن التوسّع في المساحات المزروعة يساهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف المرجوة من الأمن الغذائي بتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
وفي اعتقادي أن الاتجاه نحو السياحة الزراعية يحقق لأصحاب المزارع المحلية فوائد متعددة، منها: توفير دخل إضافي يساعدهم على تنمية قدراتهم وتحسين مستواهم المعيشي، وكذلك زيادة قيمة المزرعة التي تقدّم السياحة الزراعية، لتحقيقها دخلًا إضافيًا مقارنة بالمزرعة التي لا تقدّمها، إضافة إلى بيع منتجات المزرعة للسياح والزوار بسعر أفضل من بيعها في الأسواق، ومساعدة مالك المزرعة على استغلال عناصرها بشكل أفضل، خصوصًا فيما يتعلق بالتكاليف الثابتة، مثل المنشآت والعمالة وغيرهما.
والله ولي التوفيق ،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر