تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

شاركتُ الأسبوعَ الماضي في استطلاعٍ للرأي حول «أسباب عزوف الكوادر الوطنية عن القطاع المهني»، باعتبار أن بلادنا تحتاج إلى سواعد أبنائها، بمختلف مشاربهم وتخصصاتهم، فالتعليم المهني والتقني يمهِّد الطريقَ نحو ثورة توظيف غير مسبوقة في وطننا، لكن علينا جميعًا أن نُغيِّر نظرتنا إلى سوق العمل والوظيفة، ويجب ألا يكون أقصى طموح الشباب الجلوس على مكتب والقيام بمهام إدارية وكتابية فحسب؛ بل عليه أن يطمح نحو العمل الجاد الذي يُعزز الإنتاجية في المجتمع، ويخدم نمو اقتصادِنا الوطني.

ولن يتحقق ذلك ما لم تتوفر المدارس أو المعاهد، التي تمنح درجة الدبلوم المهني أو التقني، ويعي الأهالي أهميَّة دور الفنيين الذين يرفعون من شأن البلاد، عندما يزداد عدد المصانع بأنواعها، ويقوم الشباب القطري بإدارتها وزيادة إنتاجها، وتتحول النظرة المستقبلية للدولة نحو الاكتفاء الذاتي، وعدم الاعتماد على الواردات من الخارج، بوضع استراتيجيَّات في التطوير المهني، وتوفير الكليات التخصصيَّة للراغبين في تكملة تعليمهم المهني، حيث تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًّا في توعية وترغيب الطلاب وإثبات ميولهم الفنية للراغبين في الالتحاق بالمدارس المهنية، التي لا بد من توفيرها في كافة أنحاء البلاد.

النظرة المستقبلية تتطلب من الجهات المعنية بالدولة، أن تعمل على إعداد الكوادر الوطنية الفنية الماهرة والمؤهلة نظريًا وعمليًا لتلبية احتياجات سوق العمل في القطاعَين العام والخاص بما يدعم خطط التنمية المستدامة، بالإضافة إلى استقطاب الاستثمارات في مجال التعليم المِهَني، وتشجيع أفراد المجتمع على الالتحاق بالتعليم المهني، وإتاحة الفرصة أمام خريجي التعليم المِهَني لاستكمال دراستهم في المنشآت التعليمية المختلفة، لتمكينهم من القيام بدورهم الأساسي، المتمثل برفد سوق العمل بمهارات مهنية من خلال توفير فرص التدريب المهني لإعداد القوى العاملة الفنية ورفع كفاءتها في مختلف تخصصات ومستويات التدريب المهني غير الأكاديمي، وكذلك تأهيل وتهيئة الشباب لإنشاء مشاريعهم الخاصة.

ولا شك أنَّ التعليم المهني، يُكسب المتعلم قدرًا من الثقافة والمعلومات والمهارات الفنية والمهنية على المستويَين العملي والنظري، ما يمكنه من إتقان عمله وتجويده، ويرتقي بمستواه المهاري في مجالات العمل المتخصصة «الصناعي والتجاري والسياحي» ويعدُّه الإعداد الجيد لسوق العمل، ليصبح بعدها المتعلم مواطنًا منتجًا يسهم في تقدم بلاده، كونه فرصة جيدة لتوفير خيارات وبدائل تعليمية تكسب المتعلمين المهارات المهنية اللازمة، وترتقي بهم إلى مستويات تعليمية متقدمة، من خلال تدريبهم على تقنيات وأساليب وطرائق مهنية وتقنية جديدة تعزز خبراتهم الحياتية، كما أن جميع المؤشرات تشير إلى أن التعليم الفني والتدريب المهني، سيلعبان مستقبلًا دورًا محوريًا في تسيير دفة الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالدولة.

وفي اعتقادي يجب على الشباب الذي ينخرط في التعليم أن يثقف نفسه بدراسة احتياجات سوق العمل، ثم يختار التخصص الذي تحتاجه المؤسسات ويتناسب مع شخصيته المهنية واهتماماته، لا التخصص الذي يقترحه عليه أصدقاؤه أو يراه سهلًا في دراسته، إلى جانب تعزيز ثقافة وجود المرشدين المهنيين في المدارس والجامعات الحكومية، الذين من الممكن أن يقوموا بدور فعَّال في مساعدة الطلاب والخريجين في اختيار التخصص المناسب وإعدادهم للمهارات الوظيفية الضرورية للتنافس في سوق العمل، كما يجب على الشباب استغلال الفترة الجامعية بالانخراط في البرامج المجتمعية التطوعية المختلفة، التي تساهم في تعريفهم بفرص العمل واكتساب خبرات مهنية قبل التخرج والبحث عن وظيفة، وذلك لسد الفجوة التي تنشأ بين مخرجات التعليم وسوق العمل؛ بسبب التطور المستمر في قطاعات الأعمال وصعوبة استدراك هذا التطور بالسرعة المناسبة أحيانًا من قبل المؤسسات التعليمية.

والله ولي التوفيق،،

 

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر