يوفر مركز أمان للتأهيل الاجتماعي الملجأ الآمن للنساء والأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة، ويعمل على رفع الوعي للحد من ظاهرة العنف الأسري، من خلال سياسات جديدة تتوافق مع تحديات المرحلة الحالية، وتساهم في تعزيز العلاقات الأسرية وإرساء روابط الألفة والمحبة بين الآباء والأبناء والأقارب من مختلف الفئات العمرية في الدولة لتجسيد أهمية القيم الأسرية في المجتمع، خصوصًا في ظل الظروف الراهنة التي أظهرت أهمية التماسك الأسري، وضرورة إيجاد نهج إستراتيجي لتقوية هذا الرابط لحل المشكلات الأسرية.
وبالتزامن مع احتفاء دول العالم باليوم العالمي للطفل الذي يصادف 20 نوفمبر من كل عام، واليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يوافق 25 نوفمبر من كل عام، نلاحظ أن دولة قطر وضعت مسألة كفالة حقوق المرأة والطفل في مقدمة إستراتيجيتها الوطنية المتمثلة في رؤية قطر الوطنية 2030، وذلك من خلال تهيئة البيئة التشريعية، فقد ضمنت التشريعات القطرية حقوق المرأة وعملت على تمكينها وإكسابها مهارات جديدة وبناء قدراتها وحمايتها وإبراز دورها في بناء المجتمع، بالإضافة إلى تعريفها بآليات الحماية المتوفرة لها، الأمر الذي ساهم في أن تواجه المرأة القطرية باقتدار مختلف الأزمات الاجتماعية والسياسية.
وكانت المرأة القطرية وما زالت محل اهتمام السلطة القضائية، وقد صدر العديد من الأحكام القضائية التي منحت بموجبها المرأة حقوقًا كثيرة وصدرت أحكام مشددة في الجرائم التي تمس عرضها وكرامتها وتكون المرأة هي المستهدفة، كما لا ينكر أحد دور المرأة في نطاق مجتمعها وأسرتها فهي تشارك في كافة مناحي الحياة الاجتماعية وأهمها تربية الأجيال، كما حظيت المرأة بحقوقها على مستوى التشريعات الوطنية والدولية والتي شاركت دولة قطر فيها بالانضمام والتصديق عليها.
ويعد احترام حقوق الطفل والمرأة والدفاع عنهما ضمانة أساسية لدعم احترام حقوق الإنسان؛ وقد حرص المشرع على توفير الحماية للطفل، سواء على مستوى ضمان حقه في الحياة أو ضمان سلامته الجسدية أو تجريم إهماله أو تعرضه لمختلف الأخطار، كما أن تمكين المرأة وتعزيز حمايتها في مواجهة مختلف المخاطر يُعد مدخلًا مهمًا لمعالجة إشكالات سياسية واجتماعية واقتصادية داخل المجتمع ونفس الأمر ينطبق على حماية حقوق الطفل باعتباره عنوانًا للمستقبل وأساسًا لكل تنمية إنسانية مستدامة.
وفي اعتقادي لابد أن يكون للأسرة دور أكبر في توفير الحماية لأطفالها، وأن يكون قرار الإنجاب واعيًا بما يتوافق مع استعدادها النفسي والمادي والاجتماعي وتحمل مسؤولية الأبناء بدون أن تكون هناك عوائق للتربية، بالإضافة إلى أهمية تثقيف الأسر بأساليب التربية الحديثة ومعرفة مراحل نمو الطفل حتى يتم التعامل مع كل مرحلة حسب حاجة الصغار، باعتبار أنّ أساليب التربية السابقة كانت في معظم الأحيان صارمة وفيها الكثير من التحكم والتسلط أكثر من كونها أساليب تركز على الرعاية والاحتواء وتعزيز استقلالية الطفل، لذلك نشدد على أهمية توفير دورات في «التربية الوالدية» الإيجابية ومواد تربوية للأهالي لتطوير أنفسهم.
ومن واجبنا كأصحاب رأي الإسهام في نشر الوعي بين أفراد المجتمع من أجل القضاء على جميع أشكال وصور العنف ضد المرأة والطفل، بالإضافة إلى دحض العادات والتقاليد الخاطئة التي تشجع على العنف ضد النساء، وكذلك العمل على نشر الوعي بين أفراد المجتمع فيما يخص العنف ضد المرأة وآثاره وأضراره على حياة المرأة وعلى المجتمع بشكل عام، ومحاولة الاستماع لتجارب النساء المعنفات والعمل على تلبية احتياجاتهن ومساعدة مراكز الحماية والتأهيل للقيام بدورها والنظر في إستراتيجيات جديدة ونُهج أكثر شمولية من شأنه أن يعالج الأسباب الجذرية للمشكلة ويُمكّن المرأة، بوصفها عنصرًا ذاتيًا للتمكين والأمان، من العيش من دون تهديد بالعنف.
والله ولي التوفيق ،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر