يحرص الآباءُ والأمهاتُ على تنشئة أطفالهم بشكل سليم وصحي قدر الإمكان، لكن تظلّ بعض الأخطاء التربوية التي قد يرتكبها الطرفان دون قصد تؤثر على تنشئة أطفالهم، ولا يقتصر تأثير التربية على مرحلة الطفولة، بل يمتد تأثيرها طوال العمر.
وإن كانت التربية السليمة للطفل تؤثر على مستقبله إيجابًا، فإن وجود أخطاء في تربية الأطفال له تأثير سلبي على حياتهم المستقبلية، باعتبار أن أي تقصير أو خطأ يُرتكب في هذه المرحلة العمرية تكون نتيجته أطفالًا غير أسوياء وغير سعداء أيضًا.
المسؤوليات الكثيرة لتلبية متطلبات الأسرة، تدفعنا في كثير من الأوقات إلى نسيان إظهار الحب للطفل الصغير الذي ينتظر بشوق ولهفة حب والديه، فهما أهم ما لديه، لذلك يجب علينا أن نظهر مشاعر الحب لطفلنا خصوصًا في السنوات الأولى من عمره.
ومن الطبيعي أن ينزعج الأهل من بعض سلوكيات أطفالهم، لكن يبقى المزعج السلوك وليس الطفل، لذلك يجب إخبار الطفل عندما يخطئ أننا لم نحب تصرفه هذا، ونشرح له لماذا، وإن كان سلوكًا جديدًا يجب معرفة ممن تعلمه لتوجيهه بشكل أفضل.
ومن المهم كذلك أن يحاول الآباء غرس الصفات الجيدة في أطفالهم منذ نعومة أظفارهم، فلا يوجد إنسان معصوم من الخطأ، وبالتالي يجب أن يتعلم الطفل أنه لا حرج في ارتكاب الأخطاء، ومن مهام الأب أو الأم تجاه الطفل تعليمه أنه في حالات الفشل أو ارتكاب الخطأ، يجب ألا يشعر بالذنب أو الحرج، وإنما ينبغي التعلم من ذلك الخطأ.
نسمع كثيرًا عن تأثير الطفولة المُبكرة على حياة الإنسان، إلى أي درجة يبلغ هذا التأثير؟ وما مدى أهمية أول سنتين في عمر الإنسان؟ وما الفرق بين الطفل المُعتنى به عاطفيًا والطفل المُهمل عاطفيًا؟ يقال إن هذه المرحلة العمرية تشكل الفترة الحرجة التي يتعلم منها الطفل أساسيات الحياة، وتعد من أهم المراحل التي تؤثر في تكوين شخصيته، حيث ينمو خلالها وعي الطفل باستقلاليته ويصبح أكثر تلقائية، فإذا استطعنا تفهم متطلبات مرحلة الطفولة المبكرة سنضمن تحقيق النمو العقلي والنفسي للطفل بشكل سليم دون أي تعقيدات.
ويمكن فرض قواعد سلوكية بسيطة ومباشرة وأساسية للطفل بعمر العامين لمساعدته على التمييز بين السلوك الصحيح والسلوك الخطأ، ومعرفة حدوده، وتعليمه أهمية المحافظة على احترام وسلامة الآخرين، ومثال ذلك تعليمه كيفية الجلوس بطريقة آمنة في مقعد السيارة، وتحذيره من اللّعب بلعبة شخص آخر دون أخذ الإذن منه، ومنعه ضرب الآخرين عند شعوره بالانزعاج، فذلك قد يسبّب لهم الأذى، ويمكن الطلب من الطفل ذكر وتَكرار القاعدة التي أملاها عليه والداه بصوت مسموع، إذ يساعده ذلك على فهمها، مع ضرورة التركيز على مهارات الاتصال التي يمتلكها بهذا العمر، والتي تتمثل في القدرة العالية على الانتباه.
ويحذر الخبراء والمختصون من ضرب الطفل في عمر السنتين باعتباره واحدًا من أقوى السلوكيات السلبية الخاطئة التي تؤثر على شخصية طفلك في المستقبل، حيث إننا نعلم جيدًا ما مدى المعاناة التي تعيشها كل أم في هذه المرحلة عندما يبدأ طفلها تدريجيًا أن يستقل عن أهله ويبني شخصية مستقلة ويكتشف عالمه الجديد أثناء مرحلة النمو وتكوين الشخصية، حتى يشعر بالاهتمام ومن هنا يبدأ في تنفيذ أساليب لفت النظر والشقاوة المفرطة والعناد وعدم سماع الكلام، فهو لا يستطيع أن يفرق في هذا العمر بين السلوك الخطأ والتصرفات الصائبة، لذا يجب على الأم أن تعلم ذلك جيدًا حتى لا تتصرف بطرق متسرعة وأساليب عدوانية تجاه طفلها دون ملاحظة ذلك أو بدون قصد تضرب الطفل في عمر السنتَين.
والله ولي التوفيق
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر