إضافة عبارة «التربية» إلى اسم وزارة التعليم والتعليم العالي، بموجب التعديل الوزاري الذي أصدره حضرة صاحب السمو ليصبح المسمى الجديد «وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي»، تحمل دلالات هامة تؤكد على دور المدرسة في تنشئة الأبناء، باعتبارها شريكًا أساسيًا في غرس القيم بنفوس الطلاب، خصوصًا أنها بمثابة الضلع الثالث في المنظومة التعليمية، التي تتكون من (الطالب) و(المعلم) و(المدرسة) و(المنهج)، بالرغم من أن هناك الكثير من العباقرة الذين لم تنصفهم المدارس التقليدية، التي لا تُنمّي مهارات الطالب أو تكتشفها، وتضعهم في قوالب جامدة، تقتل أي فضول أو حب للتعلم.
على سبيل المثال العالم الأمريكي توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي، الذي قيل إنه فُصل من المدرسة لشدة شروده، وإسحاق نيوتن الفيزيائي العظيم، الذي اكتشف الجاذبية الأرضية، وصفه معلمه بأنه «لا رجاء منه»، لكن أثبتت الوقائع لاحقًا، أن جميعها كانت محض انطباعات أولية، فالطالب الذي فُصل من مدرسته بسبب الشرود الذهني، استطاع أن يضيء العالم بأكمله، باكتشافه للمصباح، أما الذي كان يفقد فيه المعلم الأمل، فقد استطاع أن يُصبح عالمًا فيزيائيًا ويكتشف الجاذبية الأرضية.
لذلك يجب ألا يقتصر دور المنظومة التعليمية المتكاملة على تحقيق الهدف التعليمي فحسب، وإنما يجب عليها أن تسعى وتجتهد في مسألة تنمية الطالب فكريًا وتربويًا أيضًا، بحيث تقوم هذه المنظومة، بما تشمله من كوادر تدريسية، ومناهج تعليمية، وبيئة مدرسية وأساليب تربوية، بخدمة العنصر الأساسي المتمثّل في (الطالب)، وغرس القيم والمبادئ الإيجابية فيه، وإكسابه المعلومات والمعارف، والسلوكيّات السليمة والمهارات، التي تعينه في المستقبل، وذلك من خلال مجموعة من البرامج والأنشطة المنظّمة والهادفة، وبالتعاون البنّاء بين المجتمع المدرسي من جانب وأولياء الأمور من جانب آخر.
وهناك بعض النقاط الأساسية التي يجب أن يضعها القائمون على أمر التطوير بعين الاعتبار، وأهمها أن تكون الأجزاء (العملية) في المقررات أكثر من (النظرية)، حتى يتمكن طلابنا من الإبداع والتميز، بالإضافة إلى ضرورة وضع خطة مرحلية، بحيث لا ننسف كل ما تم سابقًا، ولكن يجب أن يكون التغيير والتطوير بمراحل، بمعنى أن تكون البداية من الصفوف التي لا تتأثر بالتغيير، وأن نبتعد بقدر الإمكان عن المرحلة الثانوية حاليًا، ممكن أن نبدأ مثلًا مع الأول الثانوي، لكن الثاني الثانوي يكمل ما هو عليه، وفي المراحل القادمة نقوم بالتطوير، كما يجب أيضًا وضع رغبات الطلاب كذلك في الحسبان.
وعلى واضعي المناهج أن يأخذوا بعين الاعتبار حاجات واهتمامات وميول الطلاب بتدريس المواد الأسرية بالنسبة للطالبات، مثل الطبخ والخياطة والتطريز، وإتاحة الفرصة للعمل الجماعي، واستخدام برامج إرشادية مناسبة، وتعميق الدين والإيمان، واستخدام أساليب الاستقصاء وحل المشكلات، إلى جانب مراعاة البنية المعرفية لكل فرع من فروع المعرفة، والربط بين المعلومات التي تقدم للطلبة في فرعٍ ما، وبين حياة الطالب وواقعه وحاجاته واهتماماته، وأن يغنيه بكل أنواع المعرفة، والمعرفة إما منزلة أو عقلية أو إنسانية أو غيرها، كما يجب العمل أيضًا على زيادة الوعي بتدريس مادة الأخلاق للطلاب وبث روح التسامح وتقبل الآخر في نفوسهم، بالإضافة إلى نشر الثقافة التكنولوجية بين أفراد المجتمع، ونشر مبادئ الديمقراطية والحرية وتعويدهم على التفكير الناقد.
ومن المهم جدًا قياس مدى تحقيق المناهج للأهداف التربوية المنشودة التي تلبي احتياجات المجتمع، ومن الأمور البديهية طبعًا أن ينطلق المنهج المدرسي في بنائه من المجتمع، سواء على المستوى المحلي أو القومي أو العالمي، ولا بد أن يراعي في بنائه الجوانب السيكولوجية أو النفسية الخاصة بطبيعة المتعلم وطبيعة عملية التعلم.
والله ولي التوفيق ،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر