يمثّلُ البرنامجُ الانتخابيُّ أحدَ أهمَّ العوامل والركائز، التي يستند إليها المرشّحُ للفوزِ في انتخاباتِ مجلس الشورى، وتعزيز قاعدتِه بين الناخبين، حيث يعدّ هذا البرنامجُ انعكاسًا لخُطّة عمل، استطاع التعرف من خلالها على احتياجات المُجتمع والمُواطنين، وتطلّعاتهم ورؤيتهم المُستقبلية، لمُواكبة التقدّم المستمرّ في جميع المجالات والقطاعات في الدولة.
ولكنَّ البرنامجَ الانتخابيَّ المطلوبَ، الآنَ، يملكه النّاخبون أكثر من المرشّحين أنفسِهم، وذلك من خلال حُسن الاختيار وتغليب المصلحة العامة، فإذا استطعنا أن نقدم المصلحة العُليا على المصلحة الشخصيّة، ونحن نضع أصواتنا التي هي أمانةٌ في صندوق الانتخاب، فسنكون أنجزنا عملًا وطنيًّا كبيرًا، خصوصًا أنَّ القيادة الرشيدة أعطت للمُواطنين فرصةَ اختيار من يمثّلهم من المُواطنين أنفسهم، مُراهنةً على وعي المواطن في اختيار من يمثّله واختيار الأكْفأ والأقدر على تولّي تلك المسؤولية الاجتماعية لتوصيل ما يحتاجُ إليه المواطن.
وفي اعتقادي أنَّ الدعايةَ الانتخابية ليس الهدفُ منها رفعَ لافتات تحمل اسمَ المرشّح، إنّما مرحلة تواصل مستمرّ بين المرشّح والناخبين، لعرض برنامجه الانتخابيّ عليهم ومناقشتهم فيه، وإطلاعهم على أبرز التحديات التي سيقوم خلال وجوده في المجلس بطرحِها للمُناقشة، وإصدار التشريعات في المجالات المُختلفة، لتلامس احتياجات المُواطن ومواكبة التطوّر والاستمراريّة في العطاء للوطن، لذلك يجب أن يتمتّع المرشحُ لمجلس الشورى، بسعة الاطّلاع والإلمام بالقضايا المحليّة، وكيفية التعامل معها وطرح حلولٍ لها، إضافةً إلى حرصه على خدمة الآخرين واتّصاله المستمرّ بالنّاخبين، بعد الفوز بعضويّة مجلس الشّورى المُنتخب.
ولا شكَّ أن الشخصيات المُشاركة في الانتخابات تحتاجُ إلى تدريب وتأهيل في كيفيّة إدارة الحملة الانتخابيّة لإقناع النّاخبين والناخبات، للإقبال على صناديق الاقتراع لاختيار المرشح الذي يلبّي تطلعاتهم، حيث تعتبر هذه النقاط من أهم العوامل الحاسمة للفوز بعضوية المجلس، في ضوء ما تشهده مسيرة الحياة البرلمانية من تطوّرات، تتطلب أن تتناول البرامج الانتخابية وتَتبنى مختلف القضايا والملفات الجماهيرية المهمة، والعمل على طرحها بشكل موضوعي للبحث والنقاش في حال حالفهم التوفيق ونجحوا في الانتخابات، كما يجب على المرشحين الابتعاد عن العبارات الرنّانة التي تلفت الأنظار دون تحقيقها، بهدف جذب الأصوات فقط.
ويترتّب كذلك على المرشحين أن يخططوا بشكل واقعي لآلية الإقناع للوصول إلى صوت الناخبين، من خلال مواقفهم الواضحة وتاريخهم المشرق ومنجزاتهم ووعودهم القابلة للتحقيق، وأن تربطهم علاقات قائمة على الثقة المتبادلة والمصداقية بينهم وبين الناخبين الذين سوف يمنحونهم الثقة التي من خلالها سيحظى المرشح بمقعد في مجلس الشورى.
ومن المهم أيضًا تشكيل فريق الحملة الانتخابية، ودراسة الخطط الموضوعية وتكتيكات الدعاية الانتخابية واستراتيجيات الاتصال السياسي مع الناخبين وكيفية إعداد ميزانية الحملات الانتخابية، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات تكنولوجيا الاتّصال والإعلام، وكيفية إعداد البرنامج والشعار الانتخابي الذي يعتبر أحيانًا من أهمّ عوامل نجاح المرشّح.
ولا شكَّ أن الضوابطَ التي حددها القانونُ بشأن الدعاية الانتخابية، تؤكّد حرصَ الدولة على نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، كما أن وضع حدٍّ أقصى للإنفاق على الدعاية يدعمُ من لديهم برامجَ انتخابيةً واقعيةً قابلةً للتنفيذ، ما يصبّ في الصالح العام، وبالتالي يجعل المرشّحين يركزون على البرامج الانتخابية التي تخدم الوطن والمُواطن أكثر من التركيز على إنفاق الأموال، فتكون النتيجة هي فوز من لديه برنامجٌ وليس من لديه المال، مع مُراعاة أن يكون عنصر الكفاءة هو الأساس في عمليّة الاختيار في الانتخابات، وأن يكون هدف المرشح هو خدمة وطنه وتحقيق تطلّعات النّاخبين، التي ترتقي بدولتنا الحبيبة وتضعها في مصافّ الدول الكُبرى.
والله ولي التوفيق