تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

تعدُّ منصةُ تدوير العمالة التي دشَّنتها وزارةُ العمل بالتعاون مع غرفة قطر مؤخَّرًا، من المُبادراتِ القيمة التي تستحقُّ الدعم، خصوصًا بعد أن أجبرت ظروف الجائحة، العديدَ من الشركات على الاستغناء عن عددٍ من العمالة الماهرة، التي لديها درايةٌ وخبرةٌ بالسوق المحلي القطري، ومنها من قضى بالدولة عشرات السنين ولديه معرفة جيدة بالسوق.

فبدلًا من أن يتمَّ الاستغناء عنهم وترحيلهم إلى بلدانهم من الأفضل الاستفادة منهم، من خلال تدوير العمالة المؤهلة والمدربة بين الشركات التي لديها مشاريع بحاجة إلى التنفيذ، بدلًا من الدخول في إجراءات استقدام جديدة، وبالتالي لن تتكبَّد جهات العمل تكاليف إضافية، وإجراءات إدارية وصحية جديدة، فالكوادر متوافرة بالفعل ولديها الخبرة المطلوبة والكفاءة، كما أنها على علم والتزام بعادات وتقاليد الدولة وقوانينها. وما من شك أن العمالة الماهرة مطلوبة في كل مكان، ويسعى العديد من الدول إلى جذبها إليها، فهذه المنصة الجديدة تخدم صاحب العمل الحالي، وكذلك صاحب العمل الجديد الذي يبحث عن عمالة مدرَّبة ماهرة، ويرغب في توسعة أعماله ومشاريعه، أيضًا الموظف الذي يبحث عن عمل سيستفيد من هذه المبادرة، لذا تعتبر هذه المنصة الجديدة في صالح الجميع، باعتبار أنَّ المنصة تضم جميع التخصصات وجميع الجنسيات، فعلى سبيل المثال إذا كان صاحب الشركة قد انتهى من تنفيذ مشروع معين ولديه عمالة فائضة عن حاجته، فإنه يقوم بالتسجيل على المنصة لكي تستفيد الشركات الأخرى المسجلة على المنصة من خدمات العمال وَفقًا للضوابط والشروط التي وضعتها وزارة العمل وقانون العمل.

وبلا شكَّ أن منصة تدوير العمالة توفر الكثير من الجهد والمال والوقت، بما يشكل طوقَ نجاة للقطاع الخاص المحلي لضمان عدم توقف تنفيذ المشاريع، أثناء إقامة بطولة كأس العالم بالدولة، فالشركات التي تمتلك العمالة الزائدة -أو تلك التي تعاني من نقص في العمالة- سوف تستفيد من المنصة التي سيكون لها دور تكاملي في إيجاد الحلول للشركات، بما يتناسب مع ظروفها في الوقت الراهن مع اكتمال مشاريع البنى التحتية، فالمنصة إحدى الأدوات المهمة التي لابد من الاستمرار فيها لدعم استقرار السوق المحلي، من خلال مساعدة شركات القطاع الخاص في الحصول على العمالة الماهرة والمطلوبة عن طريق تعاقدها مع العمالة التي يتم الاستغناء عنها من شركات أخرى، وبالتالي تفادي أي نقص في العمالة قد يتسبَّب في تعطل مشروعات هذه الشركات.

ويعتبر إطلاق منصة تدوير العمالة الماهرة في السوق المحلي خطوة إيجابية ستعمل على تخفيف أعباء الشركات المحلية فيما يخص العمالة الزائدة لديها، بالإضافة إلى أنها ستمنح الشركات الأخرى الراغبة في استقطاب عمالة جديدة بالاستفادة من العمالة الماهرة والمدربة للعمل لديها خلال الفترة المقبلة، وبالتالي الاستفادة من الكفاءات والكوادر المؤهلة الموجودة بالسوق المحلي في تنفيذ المشاريع المختلفة والاستفادة من معرفتهم بطبيعة تلك المشاريع وخبرتهم بتنفيذها.

ويلاحظ أنَّ دولة قطر حققت إنجازات عديدة، خلال السنوات الأخيرة، في تطوير قطاع العمل وبناء سوق عمل حديث وتنافسي يساهم في حفز الاستثمار وتوفير بيئة عمل جاذبة للعمالة الماهرة، ما يتطلب الإشادة بجهود أصحاب العمل والشركات القطرية وحرصهم على تطبيق القوانين والتعاون البناء مع وزارة العمل التي تعمل بدورها على الارتقاء بمستوى خدماتها من أجل تحفيز الاستثمار ودعم التنافسية وزيادة مساهمة شركات القطاع الخاص في الاقتصاد، وَفقًا لأهداف استراتيجية التنمية الوطنية، فقد باتت قطر تتصدر المؤشرات الدولية المرموقة في مجال حفظ حقوق العمال، حيث تحظى إصلاحات العمل التي اتخذتها الدولة بإشادة كافة الشركاء الدوليين والمراقبين والبرلمانات الأوروبية والمنظمات الدولية.

والله ولي التوفيق

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر