تهدف هذه السلسلة من المقالات إلى استعراض أهم ملامح الخريطة الاستراتيجية لقطاع التعليم، بالتركيز هذه المرة على كيف أصبحت دولة قطر اليوم مركزًا إقليميًا متميزًا للتعليم العالي، نتيجة الرؤية الحكيمة خلال العقود القليلة الماضية، فالنهوض بالتعليم في أي دولة، يأخذ حيزًا مُهمًا في الخطط والرؤى الاستراتيجيّة، حيث حددت رؤية قطر الوطنيّة «2030»، معالم منظومة التعليم في الدولة، والمُتمثلة في بناء نظام تعليمي يواكب المعايير العالميّة العصريّة، ويوازي أفضل النظم التعليميّة في العالم، ويُتيح الفرص للمواطنين لتطوير قدراتهم، ويوفّر لهم أفضل تدريب مُمكن، ليتمكنوا من النجاح في عالم مُتغيّر تتزايد مُتطلباته العلميّة.
وفي هذا الإطار قالت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي، وزير التربية والتعليم في كلمتها بمناسبة تدشين الاستراتيجية الجديدة للوزارة «2024-2030»: إن الاستثمار في تعليم الإنسان لطالما كان على رأس أولويات القيادة الرشيدة، التي سخرت له النصيب الأكبر من الإمكانات البشرية والمادية، منوهة بأنه من هنا جاء إطلاق استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة مطلع هذا العام ما يؤكد مجددًا أن التعليم ليس ركيزة أساسية من ركائز التنمية البشرية فحسب، بل هو عنصر رئيس لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في مختلف المجالات.
ومما لا شك فيه أن التعليم يمثلُ أولوية قصوى في سياسة الدولة، وعملية تطويره وتجويده تأخذُ حيزًا كبيرًا، باعتبار أن التعليم هو رهان المستقبل، ولا يمكن تحقيق أي نهضة أو تطور أو تقدم في أي مجال من المجالات إلا بالانفتاح على أنماط من التعليم المتقدم، الذي اعتمدت عليه الكثير من الدول في نهضتها ونهضة شعوبها في مجالات التنمية والإنتاج.
وفي رأيي لا بد أن يكونَ هناك دور محوري للمعلمين والتربويين وحتى الطلاب، في عملية التطوير التي تسعى الدولة إلى تطبيقها، بعزمهم وأفكارهم ومشاريعهم، من أجل المشاركة الفاعلة في طريق الارتقاء بالمنظومة التعليمية إلى أعلى المستويات العالمية، من خلال التعرف على ميول الطلاب واتجاهاتهم في كل مرحلة دراسية على حدة، سواء أكانت ميولًا علمية أو أدبية، ورصد توجهاتهم بعد المرحلة الثانوية، سواء كانوا يرغبون في الالتحاق بالدراسات العسكرية أو المدنية، وكذا وضع الخطط في ضوء هذه التطلعات والآمال.
ولا بد أن ينطلقَ المنهج المدرسي في بنائه من المجتمع، سواء على المستوى المحلي أو القومي أو العالمي، وعلى واضعي المناهج الدراسية أن يأخذوا بعين الاعتبار التغيرات التي قد يتعرضُ لها المجتمع في شتى مجالاته، كما يجب على واضعي المناهج كذلك أن يأخذوا بعين الاعتبار حاجات واهتمامات وميول الطلاب، وأيضًا زيادة الوعي وإضافة مادة الأخلاق وبث التسامح وتقبل الآخر، ونشر الثقافة التكنولوجية بين أفراد المجتمع، ونشر مبادئ الديمقراطية والحرية وتعويدهم على التفكير الناقد، من خلال إجراء حوار ونقاش شفاف وجاد ومتعمق؛ تتمُ الاستفادة فيه من خبرات الباحثين والمختصين في المجالات التي تهم الميدان التربوي.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا
والبيئة بجامعة قطر
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.