تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

يشتكي أغلب الأشخاص من قلة الوقت وعدم كفايته لإنجاز مهامهم، سواء كانوا من الطلاب أو الموظفين، حتى ربات البيوت، فتعدد المهام وكثرة الأشغال جعلت الوقت المُتاح غير كافٍ لإنجاز المهام على أكمل وجه، لذلك برزت الحاجة لما يُعرف بـ «فن إدارة الوقت» لجعل تحقيق كل المطلوب إنجازه أمرًا سهلًا وممكنًا، فعملية إدارة الوقت هي عملية تطويع له؛ حتى يُصبح أكثر مرونة وأوسع إنجازًا لتحقيق المطلوب بشكل جيد.

ويُعَدُّ الوقت من الأشياء الثمينة والمهمة في حياة الإنسان، لأنَّ كل دقيقةٍ تمضي دون فائدة لا يستطيعُ الإنسان أن يعوّضها أو يسترجعها، لهذا فإنَّ هدر الوقت يؤثرُ سلبًا على مشاريعنا ونجاحاتنا، وبالتالي وجب استغلال كل لحظات الحياة والانتفاع بها، حتى تصيرَ لحياتنا قيمة، فبدون حرصنا على الوقت، لن نحرصَ على الحياة ذاتها، فالأوقات التي لا يستطيعُ الإنسان الاستفادة منها تمضي وكأنها لم تأتِ مطلقًا.

والوقت هو الزمن الذي يقيسُ الإنسان تقدمه من خلاله، فالإنسان اليوم ليس كما سيكون بعد خمس سنين، فالوقت هو الإنجاز وهو تحقيق الذات وهو دقات العقارب التي تتراقصُ على عمر الإنسان، إن الوقت هو بعض الإنسان، وعندما يمضي بعضه لا يفتأ كله أن ينتهي فيكون في محط النسيان وكأنه لم يأتِ في يوم على هذه الأرض، ولعلّ الإنسان إذا أراد أن يعلمَ معنى الوقت على الحقيقة فينظر إلى نفسه وجسده في المرآة.

وقرأت في إحدى المرات أن الإنسان هو من يضبط ساعة عمره، والجسد بدوره يبرمج نفسه أوتوماتيكيًا حتى مع تقدم العمر، فيطوي إحساسه وإيمانه وشعوره عنق الهرمونات والإنزيمات، فتتأثر المعادلة الكيماوية للجسد، فيتبرمج كل شيء تلقائيًا على العمر المضبوط بداخل عقله، فيعيش حياته كما هو مقتنع بها، وهكذا تستمر حياته «بداخله يعيش حياة شباب»، فيتأثر خارج جسده بإشارات وأوامر من الداخل إلى الخارج فتتقبل كل ملامح الجسد بالعمر المحدد، وأهمها العناية بالنظافة الشخصية، والاهتمام بالهندام الخارجي والصحة العامة.

فمثلًا ذلك الرجل الأنيق عمره الحقيقي خمس وستون سنة، ولكنه ضبط عمره عندما كان بالخامسة والثلاثين، وظل يلبس ويتهندم وكل شيء يستعمله بهذا العمر حتى مع كبر سنه الحقيقية، فلم يأبه للسنين، ولم يأبه للناس، وما زال يعيش حياته، ويأنس بها، أما الرجل العجوز، فهو بنفس عمر الآخر، لكن يعيش حياة صعبة، وهي «الاستسلام» للعمر والظروف، وتعرية الحياة، وقلة الاهتمام بالصحة، والفقر، وانحناء بالظهر، وتذمر طيلة الوقت، والكثير من العوامل التي وضعته بدائرة الطاعنين بالسن، لذلك ينصحنا الفلاسفة بأن نعيشَ حياتنا لحظة بلحظة.

العمر يمضي، والساعة بأيدينا، وأجسادنا تنتظر الأوامر، فإن كنا نريد السعادة والحياة المتفائلة، علينا ضبط ساعة العمر من الآن، فالوقت هو عمر الإنسان الذي يفنيه في سبيل ما يُؤمن به، فمنهم من يفنيه في سبيل الثروة، تكون اللحظة عنده تُساوي عددًا من الدولارات، ومنهم من يكون الوقت آخر شيء يحسب له حسابًا، فيُمضي وقته ما بين التسكُّع والنوم والألعاب والأكل ولا يكون له أيّ همّ آخر، فساء الإنسان الذي لا ينتبه لحفظ الوقت ومن ثم يُدمِّر حياته.

ختامًا فإنَّ أهمية الوقت في حياتنا كبيرة جدًّا، والإنسان الذي يُحافظ على نعم الله يجدر به أن يُحافظ على هذه النعمة أولًا؛ لأنَّه أغلى ما مُنح للإنسان، فقد مُنح العمر والوقت والقوة حتى يمضي في هذه الحياة ليُحقّقَ ما اختاره الله من أجله دون أن يكلّ أو يملّ.

والله ولي التوفيق،،،

 

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر