معَ انتهاءِ الشَّهرِ الفضيلِ وحلولِ عيدِ الفطرِ المُبارك، يحزمُ الكثيرون أمتعتَهم استعدادًا للسفرِ للاستمتاعِ بأجواءِ وعاداتِ العيدِ في أماكنَ أخرى من العالمِ، مُعللينَ تلكَ الرغبةَ بتجديدِ نشاطِهم وحيويتِهم، واستعادةِ وجه الحياة بصورة إيجابيَّة، حتى يعودوا إلى بيئة العمل بعد انقضاءِ عطلة العيد، وهم أكثر استعدادًا لمُواصلة مهامِهم الوظيفية بكفاءة، الأمر الذي أدَّى إلى تراجع مظاهر الاحتفال بالعيد السعيد، وسط الأهل والعائلة والأصدقاء خلال السنوات الأخيرة، نتيجة اعتياد الكثيرين مُغادرة البلاد في مواسم الأعياد.
لكنَّ إقامةَ المهرجاناتِ والفعالياتِ المنوَّعة في الأعياد تشجعُ السياحةَ الداخليةَ وتدفع الكثيرين لإلغاء فكرة السفر وحضور تلك الفعاليات والاستمتاع بها، بما أنَّ الدولة شهدت نقلةً نوعية في المجال السياحي خلال الأعوام الماضية، ووفرت كافة الإمكانات التي تبين مدَى الاهتمام بهذا القطاع، كما أنَّ مهرجان العيد الذي تنظمه قطر للسياحة على امتداد كورنيش الدوحة بداية من يوم الثلاثاء الموافق 3 مايو وحتى الخميس 5 مايو، بين الساعة 4-11 مساءً على مدى أيام المهرجان، يتوقع أن يجذبَ جميعَ الفئات العمرية، وخاصة الأطفال الذي يقضون أوقاتًا ممتعةً في اللعب ومشاهدة الاستعراضات المُختلفة.
وعرفت السياحةُ الداخلية انتعاشًا غير مسبوق خلال فترة جائحة كورونا، بسبب عدم رغبة الناس في السفر، وتفضيلهم البقاءَ داخل البلد لثقتهم في الإجراءات الاحترازية، ولتخوفهم من انتقال العدوى إليهم بالخارج، وهو ما أدَّى إلى تحريك قطاع السياحة الداخليَّة، وإشغال الفنادق والمنتجعات بنسبٍ كبيرةٍ، حيث يوفر جهازُ قطر للسياحة عروضًا ترويجيَّة جذابة لتعزيز النمو في القطاع السياحي والقطاعات المساعدة مثل قطاعات التجزئة والثقافة والضيافة، لتعزيز مكانةِ قطر، باعتبارِها وجهة سياحية مُفضلة للعائلات.
ومن المتوقَّع أن يُساهمَ مهرجان العيد في تعزيز مسيرة الترفيه الراقي التي تدعم الخطط والأهداف الرئيسيَّة لاستراتيجية قطر للسياحة، الرامية إلى تنويع المُنتح السياحي وترسيخ آليات وأحداث تنشط القطاع السياحي وتعزز ديناميكيته وحيويته، وتوفير فرصة مميزة للأهل وأبنائهم ليستمتعوا بالفعاليات المتنوِّعة في العيد، حيث يقدم المهرجان موكب البالونات الضخمة الأوَّل من نوعه في المنطقة، كما سيكون زوار المهرجان على موعد مع باقة متنوعة من الفعاليات والعروض الترفيهية التي تلائم جميع أفراد الأسرة.
وسوف يتمُّ تخصيص كورنيش الدوحة على مدار أيام المهرجان الثلاثة للمشاة فقط، ما سيتيح لسكان قطر وزوارها فرصة فريدة للسير على أقدامهم في أحد أشهر الطرقات بالدوحة، حيث ينتظر الكثير من الأسر والعائلات من المواطنين والمقيمين في قطر، عطلة عيد الفطر المبارك، لأخذ قسط من الراحة، بعيدًا عن أعمالهم وأشغالهم، التي ظلت ترهقهم طوال العام، كونها متنفسًا جيدًا لجميع أفراد العائلة، إذ يبدأ الترتيب لها منذ اليوم الأول، بزيارة الأهل والأقارب، وقضاء أوقات خاصة وممتعة مع أفراد العائلة، خصوصًا أن هنالك الكثير من الأنشطة التي يمكن القيام بها، والعديد من الأماكن التي يمكن زيارتها لقضاء العطلة.
وأعتقدُ أنَّ إقبال القطريين على السياحة الريفية في أوروبا بفترة الإجازة من الأمور التي من شأنها أن تشجع أصحاب المزارع على تطبيق نظام السياحة الزراعية في قطر، بوصفها مكانًا مناسبًا لقضاء الإجازات العائلية الطويلة، حيث توفر أجواء مثالية للاستمتاع بالطبيعة والخدمات الأساسية التي يحتاجها السياح لما تتمتع به من مقومات طبيعية، خاصةً أن الدولة تتجه الآن إلى وضع لمسات على كل ما هو جمالي، فيجب أن يكون للتخضير والتشجير أولوية خاصة في هذه المرحلة، وأن يكون ذلك موازيًا لخطط البنية التحتية المتمثلة في محطات المترو والملاعب والمنشآت الرياضية التي سوف تحتضن مونديال 2022م.
والله ولي التوفيق.
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر