حسنًا فعلت وزارة التعليم والتعليم العالي وهي تقرر استمرار نظام التعلم المدمج الذي كنا قد تحدثنا عنه سابقًا، في الفصل الدراسي الثاني الذي يبدأ اليوم الأحد 3 يناير 2021، مع رفع متوسط نسبة الحضور في المدارس الحكومية والخاصة إلى 50% من الطاقة الاستيعابية طبقًا لجدول الحضور التناوبي الأسبوعي.
بموجب هذا القرار الذي اتخذته وزارة التعليم في إطار المتابعة والتقييم المستمرين للعملية التعليمية وبناءً على التنسيق المباشر مع وزارة الصحة العامة، في ظل المؤشرات المتعلقة بفيروس (كوفيد-19)، سيداوم نصف عدد الطلاب (50% من إجمالي عدد الطلاب في المدرسة) في الأسبوع الأول بالمبنى المدرسي، ثم يتلقون تعليمهم عن بُعد (دروس مصورة وبث حي) في الأسبوع الذي يليه، ومن ثم يداوم النصف الآخر في الأسبوع الثاني من بدء الفصل الدراسي الثاني، ويكونون قد تلقوا تعليمهم عن بُعد في الأسبوع الأول، مع استمرار تطبيق سياسة الحضور والغياب ورصده بشكل دوري.
بلا شك سيكون هناك دور كبير يقع على عاتق الأسرة في إنجاح عملية التعلم عن بُعد خلال أيام التمدرس التي ستكون خارج قاعات الدراسة، حيث يتوجب على الطلاب الحضور بنظام التناوب الأسبوعي، وهي بمثابة فرصة كبيرة لدمج أولياء الأمور في المنظومة التربوية، إذ يتعيّن على الأسر في هذه الظروف القيام بدورها الذي أصبح أكثر أهمية من ذي قبل في إنجاح العملية التعليمية.
ويحتاج طلابنا بعد انتهاء فترة الإجازة، والعودة إلى الدراسة إلى تهيئة نفسية ومعنوية؛ حتى يكونوا مستعدين جيدًا لاستيعاب الدروس بالنظام التناوبي الجديد، إذ يعود الطلاب اليوم إلى مدارسهم بعد قضاء فترة الإجازة التي تتميز بالراحة والاستقرار النفسي وراحة البال، للانخراط مباشرة في النظام المدرسي، الذي يقوم على المسؤولية والالتزام والاستيقاظ المبكر، فالكثير من الطلبة كانوا يستغلون فرصة الإجازة بالسهر؛ لذا يجب على الأهل مع بداية العودة للمدارس تحديد ساعة محددة للنوم، ليكون أمر الاستيقاظ باكرًا سهلًا بالنسبة لهم.
أما فيما يخص الجانب الأكاديمي فيجب على أولياء الأمور تهيئة الطلاب بمساعدتهم على وضع جدول دراسي، ومتابعة ما تعلموه، والتواصل مع المدرسة والمختصين الاجتماعيين للتدخل السريع في حالة وجود أي مشكلة، واختيار نوعية الأكل المناسبة لكل فئة عمرية، بحيث تكون الوجبة صحيّة، إلى جانب تقديم وجبة العشاء لهم في وقت مبكر حتى لا يشعروا بالإزعاج عند النوم، ويجب أن تتكاتف الأسرة مع الإدارة المدرسية في مساعدة الأبناء على التأقلم مع متطلبات اليوم الدراسي في ظل الظروف التي تفرضها الجائحة، وإظهار الوالدين سعادتهما بالعودة للمدارس بعد فترة الإجازة القصيرة وليس العكس، حتى لا يؤثر ذلك على نفسية الأبناء، وعدم توجيه اللوم للأبناء الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على درجات مُرضية في اختبارات الفصل الدراسي الأول.
وفي اعتقادي أن الأسرة التي تشارك أبناءها عملية التعليم وتتابعهم عن قرب وتكمل دور الأستاذ والتعلم في المنزل تجني بشكل مباشر ثمار هذا الجهد، وعلى العكس تمامًا، نجد أن الأسر التي تكتفي بتوفير كل ما هو مادِّي لأبنائها لإكمال تعليمهم دون متابعتهم ودون الحرص على تحصيلهم التربوي والعلمي على حدٍّ سواء، تخسر كثيرًا ولا تحقق توقعاتها المُرتفعة من تحصيل أبنائها الدراسي.
وكل عام وأنتم بخير،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر