في ظل النهضة الزراعية التي تشهدها البلاد مع اختتام فعاليات معرض «إكسبو الدوحة 2023»، أصبح هناك أهمية بالغة لإنشاء كلية أو قسم للزراعة في قطر، يكون رافدًا لمشاريع الدولة الزراعية، ويهتم بالبيئة القطرية ويعزز دور المبادرات البيئية لإحياء البر والأشجار القطرية البرية، لاسيما المُنتج الزراعي المحلي، باعتبار أن وجود كلية للزراعة في قطر أو أكاديمية متخصصة للبحوث الزراعية، سوف يعود بالنفع على المزارعين بصورة مباشرة، حيث إن المُزارع يتعرض للكثير من المواقف التي تتطلب تدخلًا علميًا.
وبلا شك أن التعليم هو الداعم الرئيسي للتنمية في مختلف المجالات، كما أن اهتمام الدولة بالجانب الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتج الزراعي المحلي، يجعلنا نلتفت لأهمية وجود كيان تعليمي يترجم النظريات والبحوث، ويجري الدراسات التي تفيد الدولة، باعتبار أن كل دولة تختلف عن الأخرى في طبيعتها الجغرافية والمُناخية، لذلك يجب أن يكون لدينا مرجع للاطلاع على السبل والنتائج من الدراسات التي تجرى على أرض الواقع في مجال الزراعة بجميع تخصصاتها، كون الدولة لا ينقصها شيء حتى تنشئ كلية للزراعة.
وبما أن الزراعة هي مِنَ الركائز الأساسية في اقتصاد الدول وتنميتها، فإن الاهتمام بالجانب الزراعي يعد خطوة في المسار الصحيح لتحقيق التنمية الاقتصادية والتنموية الشاملة، من خلال الاهتمام بالمحور العلمي في مجال الزراعة الذي بات أمرًا ضروريًا، حيث يعزز العلم قيمة التطبيق، ومن ثم انطلاق عملية التنمية الزراعية، بجناحيها العلمي والعملي، لاسيما وأن الزراعة باتت من الحقول التكنولوجية الثرية بالتجارب والأبحاث الداعمة، كما أن مردود إنشاء كيان أكاديمي للزراعة في قطر سوف ينعكس على المساحات الخضراء بشكل عام، والمردود الأهم هو الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية وصولًا لتحقيق الأمن الغذائي.
لقد أصبحت الزراعة اليوم علمًا وتجرِبة وتقنيات حديثة، وعلينا مواكبة ذلك، ولن نستطيع المواكبة إلا من خلال توفير كليات متخصصة لتخريج كوادر مؤهلة في مجالات الزراعة، في ظل ما يشهده قطاع الزراعة من تنامٍ في السنوات الأخيرة، وفي ظل سعي الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، فوجود كوادر مؤهلة في هذا المجال سيكون مهمًا، وسيحقق إضافة وجودة عالية لمنتجاتنا لأن أبناءنا هم من سيتولون الإشراف على مزارعنا ومنتجاتنا الحيوانية.
وبالتزامن مع ختام فعاليات معرض «إكسبو الدوحة 2023» للبستنة، يسرني أن أعلن للقراء الكرام عن مشروع أكاديمية زراعية متخصصة، توفر دورات تدريبية في تقنيات الزراعة الحديثة مثل الهيدروبونيكس والزراعة العمودية، وورش عمل حول استخدام التقنيات الحديثة في إدارة المزارع وتحسين الإنتاجية، وبرامج بحثية تهدف إلى تطوير أساليب جديدة في الزراعة وزيادة فهمنا للعمليات النباتية، ومشاريع ميدانية لتطبيق المفاهيم والتقنيات المكتسبة في البيئة الحقيقية، فعاليات توعية المجتمع بأهمية الزراعة الحديثة ودورها في تلبية احتياجاتنا الغذائية المستدامة، وغيرها من التفاصيل سيتم الإعلان عنها في مقال الأسبوع القادم.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر