ما من شك إنّ الصلاة من أحبّ وأفضل العبادات وأقربها إلى المولى، عزّ وجلّ، ففيها تتحقق صلة المخلوق بخالقه، كما أنّ لها فوائد أخرى عديدة قد لا يعلمها الناس، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن أداء صلاة الفجر في موعدها المحدد يوميًا، خير وسيلة للوقاية والعلاج من أمراض القلب وتصلب الشرايين، بما في ذلك احتشاء عضلة القلب المسببة للجلطة القلبية وتصلب الشرايين المسببة للسكتة الدماغية.
وبحسب الأطباء فإن الضغط يرتفع بين الساعة الثالثة والسادسة فجرًا، والأزمات القلبية تزيد في هذا الوقت، وذلك بسبب ارتفاع الكورتيزون في الدم ووجود الأوزون وتأثيره في هذا الوقت، لذلك حثنا المولى سبحانه وتعالى على الصلوات وخاصة صلاة الفجر في موعدها المحدد يوميًا، فقد أظهرت نتائج الدراسات والأبحاث العلمية أن الإنسان إذا نام طويلًا قلت نبضات قلبه إلى درجة قليلة جدًا لا تتجاوز 50 نبضة في الدقيقة، وحينما تقل نبضات القلب يجري الدم في الأوعية والشرايين والأوردة ببطء شديد، الأمر الذي يؤدي إلى ترسب الأملاح والدهنيات على جدران الأوردة والشرايين، وبخاصة الشريان التاجي، ونتيجة لذلك يصاب الإنسان بتصلب الشرايين أو انسدادها، حيث يؤدي ذلك إلى ضعف عضلة القلب وانسداد الشرايين والأوردة الناقلة للدم، من القلب وإليه، حيث تحدث الجلطة القلبية أو انسداد الشرايين الناقلة للدم من الدماغ وإليه، ما يسبب السكتة الدماغية المميتة في أغلب الأحيان.
لذلك شددت نتائج الدراسات العلمية على ضرورة الامتناع عن النوم لفترات طويلة بحيث لا تزيد فترة النوم على أربع ساعات، حيث يجب النهوض من النوم وأداء جهد حركي لمدة 15 دقيقة على الأقل، وهو الأمر الذي يوفره أداء صلاة الفجر بصورة يومية في الساعات الأولى من فجر كل يوم، والأفضل أن تكون الصلاة في المسجد وفي جماعة، وقد ورد في تلك الدراسة أن المسلم الذي يقطع نومه ويصلي صلاة الفجر في جماعة يحقق صيانة متقدمة وراقية لقلبه وشرايينه، ولاسيما أن معدل النوم لدى غالبية الناس يزيد على ثماني ساعات يوميًا.
وأكدت دراسة حديثة أن أداء صلاة الفجر في وقتها يؤدي إلى تنشيط عمل الخلايا بجسم الإنسان، ويمنع انقسامها بصورة شاذة، ما يترتب عليه الإصابة بالأورام السرطانية، كما أن جميع هرمونات الجسم يزداد إفرازها في وقت صلاة الفجر، خاصة هرمون (الكورتيزون)، وهو ما يسمونه (هرمون الحياة)، وهذه الهرمونات ضرورية لأداء العمل اليومي للإنسان، كونها توفر الحماية لأعضاء الجسم المختلفة ضد العديد من الأمراض، ومع الاستيقاظ واستنشاق الهواء النقي في ذاك التوقيت يتعزز عمل الهرمونات.
ما تناولناه في هذا المقال يؤكد أن الصلاة لها منزلة لا تَعدِلُها منزلة أيّة عبادة أخرى، فهي عماد الدّين الذي لا يقوم إلا بها، وأكبر دليل على أهمية أداء الصلاة أنّها فُرضت في السماء السابعة مباشرة بين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج، وبالصلاة يتحقق توازن الظاهر والباطن للإنسان، ولكي يؤديها عليه أن يكون مؤهلًا جسديًا وروحيًا، بأن يكون نظيف الجسد طاهرًا، من جهة، وقاطعًا لكل صلة له بهذا العالم الفاني حين وقوفه بين يدي خالقه، من جهة ثانية، حتى يكون اتصاله الروحي كاملًا، فبذلك تطهُر النفس وتنقّى الرّوح من أدران المادّة، وتجعل القلب والعقل يتوجهان إلى الخير والحق والجمال.
والله ولي التوفيق،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر