الوعي الانتخابيُّ أصبح ضرورةً مُلحةً، تتطلبُها طبيعةُ المرحلةِ التاريخية، التي نعيشُ في كنفِها وظلالِها الآنَ، مع بدء عمليةِ قيد المرشحينَ لعضويةِ مجلسِ الشورى، التي ستبدأُ اعتبارًا من اليوم الأحد وتستمرُّ حتى 26 أغسطس الجاري، فكلما زادَ وعي الناخبين بقواعدِ العملية الانتخابية وأبعادِها المُختلفة، زادت مشاركتُهم في الانتخابات وحرَصوا على الإدلاءِ بأصواتِهم، الأمرُ الذي سينعكسُ إيجابًا على الانتخاباتِ في أكتوبر المقبل.
كما أن تنميةَ الوعي الانتخابي لدى الناخبينَ، قد تمثّلُ أحدَ الضوابط المهمّة في سلوك المرشّحين، ومنعهم من المُبالغةِ في برامجِهم الانتخابية، من أجلِ استقطابِ أصواتِ الناخبين، فحينما يكون الناخبُ على وعي تامّ وإلمامٍ بطبيعةِ الدورِ المفترضِ أن يؤدّيَه عضوُ «مجلس الشورى المنتخب»، فإنَّ هذا سيجعلُ أيَّ مرشح، وهو يعرضُ برنامجَه الانتخابيَّ، حريصًا على أن يتماشى هذا البرنامجُ مع الواقع، ويعبّرَ بالفعلِ عن احتياجاتِ المواطنين، والأهمُّ أن يكون قادرًا على إقناعِ الناخبين بأنه يستطيعُ بالفعلِ تنفيذَ هذا البرنامجِ الانتخابي.
ويضمنُ الاهتمامُ كذلك بتنميةِ الوعي لدى الناخبين، وتعريفِهم بقواعدِ العمليةِ الانتخابية وطبيعة الأدوار التي يفترضُ أن يقومَ بها أعضاءُ «مجلس الشورى المنتخب»، اختيارَ المرشحينَ الأكْفاءِ ذوي الخبرات، ويمنع من ناحيةٍ ثانية انتشارَ حملاتِ الدعايةِ الانتخابية الصاخبةِ التي تروّجُ لبرامجَ غيرِ واقعيةٍ، لأن المحكَّ في نهايةِ المطاف سيتوقفُ على إرادة الناخبين، ولهذا فإنَّ تنميةَ الوعي الانتخابي لدى الناخبين والمرشّحين بهذه الحقائقِ يعدُّ مطلبًا ضروريًا من أجلِ إنجاحِ هذه التجرِبةِ التي لا شكَّ في أنَّها ستؤرّخُ لمرحلةٍ مهمّةٍ من تاريخِ دولة قطر.
وفي اعتقادي أنَّ تعزيزَ الثقافةِ الانتخابية ورفع الوعي بأهميةِ انتخاباتِ مجلس الشورى لدى الشارع القطري مسؤوليةٌ مجتمعيةٌ تقعُ على جميعِ المؤسساتِ ولا تقتصرُ على جهةٍ بعينِها، حيثُ تبدأ من مقاعدِ الدراسةِ والمناهج الدراسية وتتسعُ لتشملَ مُختلفَ مؤسساتِ المجتمعِ المدني، كما أنَّ وسائلَ الإعلام تلعبُ دورًا أساسيًا في تشكيلِ الوعي السياسي لأبناء الوطن، إذ يمثلُ المجلسُ المنتخبُ ضميرَ الشعبِ ويعبّرُ عن إرادتِه، باعتبار أن تخصيصَ 30 دائرةً انتخابيةً موزعةً على مختلفِ مناطقِ البلاد، يضمنُ وجودَ كافة أطيافِ المجتمع من أكاديميين، وأطباء، ورجالِ أعمال، وقانونيين، ومُهندسين، وغيرِهم من الفئات، حتى يكونَ الجميعُ مُمثلًا تمثيلًا حقيقيًّا للمُواطنين، بكافةِ فئاتِهم وشرائحِهم ومناطقِهم، لتكونَ التجرِبةُ التشريعيةُ مثمرةً وبنّاءةً، بحيثُ يكونُ المجلسُ المنتخبُ مؤثّرًا بشكلٍ فاعلٍ في تطوير القوانينِ والتشريعاتِ بالدولة.
ولا شكَّ أنَّ الاستحقاقَ الانتخابيَّ القادمَ سيعززُ مسيرةَ نهضةِ دولةِ قطرَ وَفقًا لرؤى وتطلعاتِ قيادتِنا الحكيمةِ، التي تجعلُنا دائمًا في أفضلِ حالٍ يحسدُنا عليه الجميعُ، خصوصًا أنَّ عضوَ الشّورى المُنتخب، سيكون مُمثلًا للشعبِ ومعبّرًا عن آمالِه وتطلعاتِه، التي سيتمُ ترجمتُها عبر التشريعاتِ والقوانين، خلال مدةِ المجلسِ المحددةِ ب (4) سنواتٍ ميلاديةٍ تبدأُ من تاريخِ أوّلِ اجتماعٍ له، وتُجرى انتخاباتُ المجلسِ الجديد خلال ال (90) يومًا السابقةِ على نهايةِ تلك المدة، وتجوزُ إعادةُ انتخاب من انتهت مدةُ عضويتِه، وإذا لم تتم الانتخاباتُ عند انتهاء مدةِ المجلس، أو تأخرت لأيّ سببٍ من الأسباب، يبقى المجلسُ قائمًا حتى يتمَّ انتخابُ المجلسِ الجديدِ، فالمجلسُ يتولى سلطةَ التشريع، ويقرُّ الموازنةَ العامةَ للدولة كما يمارسُ الرقابةَ على السلطةِ التنفيذية، وذلك على الوجه المُبيّن في الدستورِ مثل اقتراحِ القوانين، وإبداءِ الرغباتِ للحكومة في المسائلِ العامة، ومُمارسةِ الدورِ الرقابي على السلطةِ التنفيذيةِ من خلالِ مراقبةِ الحكومة.
لذلك نطالبُ جميعَ الناخبين بالمشاركةِ الفاعلةِ، لإنجاحِ هذه التجرِبةِ وإثراءِ الانتخاباتِ عبرَ اختيارِ المرشحين الذين يمثلونَهم في المجلسِ، مع العلمِ بأن المرشحَ الفائزَ في السباقِ الانتخابي يخدمُ جميعَ أهلِ قطرَ، وليس دائرته أو قبيلته، وإنّ هذا واجبٌ وطني لخدمةِ البلاد والعباد.
والله ولي التوفيق