يكتسب قرار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الإعلانَ عن إطار زمني مُحدد لإجراء أول انتخابات لمجلس الشورى بحلول شهر أكتوبر 2021م، أهمية كبرى كونه يمثل مرحلة جديدة ومهمة في تاريخ قطر بتكوين مجلس شورى منتخب، سوف يمتلك سلطات تشريعية ورقابية أكبر تُعزز الشفافية وتصبّ في مصلحة الوطن والمواطن.
ويتوقع أن تشهد انتخابات مجلس الشورى القادمة، مشاركة واسعة، إذ يتطلع المواطن القطري إلى ممارسة الديمقراطية، باعتبار أن هذه الانتخابات تأتي تجسيدًا لرؤية سمو الأمير المفدى الثاقبة، والنابعة من الحرص على المصلحة الوطنية، لترسيخ الديمقراطية في دولة قطر، التي قطعت فيها الدولة خطوات واسعة طوال السنوات الماضية، فقد عودنا أميرنا المفدى دائمًا على إثلاج صدورنا بقراراته الرشيدة، التي تساهم في الارتقاء بالوطن والمواطن، وتجعلنا في أفضل حال يحسدنا عليه الجميع، خصوصًا أن عضو الشورى المنتخب، سيكون ممثلًا للشعب ومعبرًا عن آماله وتطلعاته، التي سيتم ترجمتها عبر التشريعات والقوانين.
لذلك فإن المجلس المنتخب سوف يستمد جزءًا من صلاحياته من المواطن، وسوف يمثل صوت المجتمع ونبضه، لذا يجب على الجميع المشاركة في انتخاب أعضاء مجلس الشورى بفاعلية خلال الانتخابات القادمة، كما يجب أن يضم المجلس مختلف شرائح المجتمع من أكاديميين، وأطباء، ورجال أعمال، وقانونيين، ومهندسين، وغيرها من الفئات، حتى يكون الجميع ممثلًا، وتكون الاستفادة من التجربة الديمقراطية على أفضل وجه، وأن يكون المجلس المنتخب مؤثرًا بشكل فاعل في تطوير القوانين والتشريعات بالدولة.
ويُعد تحديد موعد إجراء انتخابات مجلس الشورى في شهر أكتوبر من العام المقبل، إنجازًا جديدًا وامتدادًا لمسيرة الشورى وتعزيزًا للمشاركة الشعبية في صنع القرار، بما يدعم مسيرة التنمية في الوطن ويعزز أمنه واستقراره، وستشهد الفترة القادمة خطوات مهمة للإسراع في وضع الأسس والإجراءات اللازمة والمنصفة لإجراء الانتخابات في الوقت المحدد، بعد دراسة جميع الجوانب المتعلقة بها، خاصة أن قطر لديها خبرات وتجارب ناجحة تمثلت في انتخابات المجلس البلدي المركزي.
ويذكر أن انتخابات مجلس الشورى كانت قد تأجلت في أكثر من مناسبة؛ إذ انتهت مدة مجلس الشورى الحالي «المُعيّن» في يونيو من العام 2019، لكن حضرة صاحب السمو أصدر قرارًا بمد الفترة سنتين إضافيتين، تنتهي في 30 يونيو عام 2021م، الأمر الذي يعني أن الدورة التي انطلقت أعمالها الأسبوع الماضي ستكون آخر دورة قبل إجراء الانتخابات.
وبلا شك أن دعوة صاحب السمو لإجراء الانتخابات في شهر أكتوبر من العام المقبل، تشكل مرحلة جديدة يتطلع فيها الجميع إلى رؤى القيادة الحكيمة واستشراف المستقبل، انسجامًا مع نهج استدامة المسيرة الديمقراطية بما يحقق الأهداف الوطنية، في ظل قيم وتقاليد المجتمع القطري، التي تضمن النجاح، بتقديم تجربة مستقرة، لتكون عاملًا للبناء ونهضة الوطن.
وستشهد الدورة الحالية للمجلس استعراض ومناقشة عدد من القوانين التي تتصل بالأمن والعدالة وبالعملية الانتخابية (طريقة الانتخابات والدوائر الانتخابية والأمور الأخرى المتعلقة بهذه العملية)، وغيرها من القوانين التي تحتاجها الدولة، حيث ينص الدستور على إنشاء مجلس يضم 45 عضوًا منهم 30 منتخبون و(15) معيّنون، إذ تسعى الدولة من خلال ثلث الأعضاء (المعيّنين) إلى الاستفادة من الكوادر ذات الخبرة والمعرفة سواء من الرجال أو النساء.
ويحرص مجلس الشورى طوال الدورات الماضية على أداء دوره بالانتهاء من القوانين ومشاريع القوانين والقضايا التي تهم الوطن، والمناقشات العامة التي تُقدّم من قِبل الأعضاء خلال الدورة البرلمانية دون تأجيل، باعتبار أن تاريخ دولة قطر قائم على الشورى والعلاقة اللصيقة بين الشعب والقيادة، ويأتي قرار إجراء الانتخابات ليوسّع دائرة المشاركة الشعبية بالصورة الديمقراطية التي نتطلع إليها جميعًا، وهي خطوة ليست بغريبة على دولة قطر.
والله ولي التوفيق،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر