تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 3.00 (تقييم 1)

تعدُّ الإجازاتُ فرصةً للتخلّص من الروتين وضغط العمل، حيثُ يسيرُ الناس على نمط حياة مختلف يناسبُ أيام العطلة، إذ لا توجد مواعيد عمل والتزامات، وهي بمثابة إعادة شحن للطاقات، ولكن يبقى السؤال قائمًا- بما أن اليوم هو أول أيام الدوام بعد عطلة عيد الفطر المبارك- حول كيفية التأقلم والعودة لأجواء العمل بعد أيام العيد السعيد، وطرق الإفلات من الوقوع في دوامة القلق والتوتر عقب الراحة النفسية في الإجازة.

التخطيط لما بعد الإجازة من الأمور التي يغفلها كثير من الناس، حتى وإن كانت عطلة قصيرة، فلابد من تغذية العقل بالأفكار الإيجابية، بأن العمل هو جزء من الحياة، وأن الإجازة فترة مؤقتة لنرتاحَ فيها، ونقوم بأنشطة تسعدنا، وأن السعادة ليست في الراحة الدائمة وإنما في العمل، وقد قرأت يومًا للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي: «أنّ راحة القلب في العمل، وأنّ السعادة هي أن تكون مشغولًا، إلى حد لا تنتبه معه أنّك تعيس».

ونلاحظُ أن العودة للعمل بعد الإجازة تصيبُ الإنسان بشيء من الثقل والهم، ولكن التخطيط لما بعد العطلة يخففُ من حدة التوتر والقلق، في حين أن الأفراد الذين يبدؤون الإجازة تاركين خلفهم أعمالًا متراكمة إلى حين العودة منها، هم الأكثر قلقًا وكرهًا للعودة للعمل بعد انتهاء العطلة، وهذا السلوك يعدُ بالنسبة لهم نوعًا من الرهبة، ويشغلُ التفكير بالأعمال المتراكمة التي يجب إنجازها، بعد انتهاء العطلة، حيزًا كبيرًا لدى البعض.

وتظلُ الإجازة شيئًا مهمًا لكل فرد مهما كان موقعه، سواء كان موظفًا كبيرًا أو صغيرًا، صاحب عمل أو يتمتع بمنصب رفيع، ومع نهاية فترة الإجازات أو الأعياد وحتى لا تتحول العطلة إلى طاقات معرقلة ومعطلة، فإن هناك عددًا من النصائح يجب اتباعها، فيجب أن تكونَ بيئة العمل محفزة وإيجابية، فسعادة الموظف تأتي من استراتيجية يضعها أصحاب العمل، عن طريق وضع عبارات تحفيزية والاهتمام بأثاث بيئة العمل وزرع النباتات الخضراء التي تعطي طاقة إيجابية وتوفير وجبات صحية خفيفة ترفعُ معدلات التفكير الإبداعي بين الموظفين، فإذا لم تتوفر هذه العوامل من جانب الإدارة في العمل، فيجب أن يبادرَ الموظف مع زملائه لإيجاد تلك الأجواء المُحفزة، التي تجعلُ من مكان العمل جاذبًا ومحفزًا.

وفي اعتقادي أن العودة للعمل بعد فترة انقطاع، سواء طويلة أو قصيرة، مسألة نسبية مرتبطة بطبيعة وأجواء العمل، إذا كانت أجواء العمل محفزة وهناك تعاون وتآلف بين زملاء العمل فستكون العودة من الأمور المحببة، وستكون الإجازة الدافع لاستقبال العمل بشحنات إيجابية متفائلة، وعلى العكس إذا كانت هناك ضغوط في العمل وتراكمات من قبل الإجازة، ستصبح العودة حملًا وثقلًا على الموظف، ويتمنى لو كان العام كله إجازة.

ولا شك أن العمل نعمة من الله، باعتبار أن هناك من يبحث عن عمل ولا يجده، كما أن الحياة لا تسيرُ على وتيرة واحدة، فالتغيير سنة الحياة فلا توجد إجازة دائمة أو عمل بشكل دائم، فكلاهما يكملان بعضهما، لذلك يجب شكر الله على تلك النعم، ويجب على الإنسان التفكير في مسألة أن بالعمل والوظيفة يتم استرداد النفقات التي تم إنفاقها خلال الإجازة، وبدون العمل لا يمكن الاستمتاع بالإجازة، لذلك يجب تعزيز الشعور بالرضا، ويساعدُ على ذلك عدم اقتصار أيام العمل على الجهد والتعب الشاق فقط، فيجب أن يتخللها بعض الأنشطة الترفيهية والاجتماعية، حتى لو كانت بسيطة، كي لا يتسللَ الملل إلى نفوسنا.

والله ولي التوفيق.

 

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر