مع انتهاء عُطلة عيد الأضحى المُبارك والعودة مرة أخرى إلى العمل وروتين الحياة اليوميّة، يُعاني البعض من اكتئاب ما بعد الإجازة، وهو حالة نفسية تُصيبُ مُعظمَ الأشخاص بعد عودتهم من رحلة أو إجازة، حيث يشعرون بالحزن والكآبة والنقص في الطاقة، وأحيانًا القلق والتوتر عند التفكير بالعودة إلى روتين الحياة اليوميّة والالتزامات العاديّة، ويُرجِعُ علماءُ النفس هذه الحالة إلى أن هرمون الأدرينالين يرتفع جدًا في الإجازة نتيجة الشعور العام بالسعادة، وفجأة يقل الأدرينالين، فيُصاب الشخص بالاكتئاب المؤقت بعد انتهاء فترة الإجازة.
وتلك الحالة قد تكون ناتجةً عن عدة عوامل مُختلِفة، مثل التغيير المُفاجئ في الروتين اليومي، والانتقال من بيئةٍ مُريحةٍ ومُمتعةٍ إلى بيئةٍ مليئةٍ بالضغوط والمسؤوليات، وأحيانًا قد يكون السبب في الاكتئاب هو الشعور بعدم الرضا عن الحياة اليوميّة والعمل، فقد أثبتت العديد من الدراسات أن وجود الإجازات من العوامل المُفيدة للصحة العقليّة والنفسيّة.
ومُتلازمة اكتئاب ما بعد الإجازة هي حالة حقيقيّة، أقرّها خبراءُ علم النفس، وتتمثل في شعور الشخص بمشاعر اليأس والحزن والتمرّد، بحيث تجعل عودة البعض من السفر خُطوةً أصعب مما يعتقده الناس، خصوصًا إذا استمرَّ السفر لفترة أطول من أسبوعين، وقد تمتدُّ هذه المشاعرُ السلبيّةُ إلى أيام عدة لتسبب إنهاكه وكآبته وتذمّره على رتم حياته وعمله، لكن المُعدّل الطبيعي لمُتلازمة اكتئاب ما بعد الإجازة لا ينبغي أن يتجاوز 15 يومًا، أما استمرار أعراضها لأكثر من ذلك، فغالبًا سيدلّ على وجود خلل أو مُشكلة في بيئة العمل أو روتين حياة الشخص، بشكل يؤثر فيه أكثر من اكتئاب ما بعد الإجازة، لأن هذا النوع من الكآبة مؤقت (فترة حزن مؤقتة) ليعود بعدها الشخص إلى طبيعته. لذلك، إذا استمرّت المشاعر السلبيّة لفترة أطول، من المُفيد استشارة الأقارب لتحليل مصدر الخلل أو الاستعانة باستشاري نفسي لتقييم صحتك النفسيّة.
وربما يعتقد البعض أن الإجازات تستطيع أن تُجدِّدَ الطاقة وتملك القدرة على إعادة الشخص إلى عمله مُنتعشًا مُتحمسًا لاستئناف العمل، لكن هذا قد لا يحدث أحيانًا، وبدلًا من ذلك قد يحدث العكس، فقد تشعر عند العودة إلى العمل بعد الإجازات بالقلق والتوتر والخمول.
ويُمكنك – عزيزي القارئ – أن تُلاحظَ الأمرَ بعد إجازات الأعياد والإجازات السنويّة التي تمتدّ لعدّة أيام مُتواصلة، هذا الشعور بالاكتئاب ورُبما القلق، وربما الأرق والشعور بالضيق خلال الليلة التي ستعود إلى استئناف العمل في صباحها، وربما لا يقتصر الأمر على الإجازات الطويلة فحسب، فقد تشعر بهذا أسبوعيًا، بعد إجازتك الأسبوعيّة، إذا كُنت تشعر بهذه المشاعر، فأنت لست وحدك، هذا أمر مُتعارف عليه عالميًا ويتشاركُ في الشعور به العديد من البشر، ويُطلق عليه اسم «اكتئاب ما بعد الإجازة».
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر