تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

هِيَ رحلةٌ إيمانيةٌ عطرةٌ يزيد فيها اجتهاد العباد طلبًا للعفو والمغفرة؛ إذ تتمتعُ العشر الأواخر من الشهر الكريم بمكانة خاصة في الإسلام؛ لما لها من تشريف وفضائل كثيرة وخصائص لا تتوافر لغيرها، حيث كان النبي- صلَّى الله عليه وسلم- يجتهد فيها أكثر من غيرها.

وقد ورد في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره». فعلى الرغم من أنه لا ينام قلبه ولا يغفل عن ذكر الله مطلقًا، فقد كان يزيد من الطاعة في هذه الليالي؛ لما فيها من بركة وأجر وفضل كبير.

ولذا، فإنه أولى بالمسلمين أن يقتدوا بمعلّم البشرية، وأن يوسّعوا من دائرة عبادتهم فيها، وأن يحرصوا على إحيائها بالصلاة وذكر المولى عز وجل وقراءة القرآن الكريم والتهجد، وأن يجأروا بالدعاء إلى الخالق أن يغفر لهم ذنوبهم وأن يتقبل صيامهم وقيامهم وصالح أعمالهم.

كما أنه من الضروري أن يتحرى كل مسلم فيها ليلة القدر؛ لقوله عز وجل: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّه، ولا يُحرَمُ خيرَها إلا محروم».

وما من شك أن رحمة الله سبحانه وتعالى وسعت كل شيء، والتوبة تَجُبّ ما قبلها، وكل مقصّر فيما مضى من الشهر عليه أن يتوب ويُنيب إلى الله وأن يغتنم فرصة الأيام الباقية في الطاعة، والله عز وجل يقول في كتابه العزيز: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) صدق الله العظيم.

وقد يهتمُ بعض الناس بالقيام منذ بداية شهر رمضان ويتحمس لأداء صلاة التراويح، ثم إذا جاء مسك الختام في العشر الأواخر نجده يتكاسل ويتأخر عن القيام، وبعض الناس ينشغل بأعمال أخرى وينصرف عن العبادة، مع العلم أن الأعمال بالخواتيم، وإذا نظرنا إلى سنة الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم – لوجدنا أنه كان يهتم بهذه العشر الأواخر- كما ذكرنا آنفًا- اهتمامًا بالغًا ويجتهد فيها أكثر من غيرها.

فهل نقتدي بسنة النبي- صلى الله عليه وسلم- ونجتهد في أداء العبادات والتقرب إلى الله تعالى بفعل هذه الطاعات التي فيها مغفرة السيئات؟ فقد أرشدنا الله تعالى إلى هذه الأوقات رحمة بنا، فلماذا لا نستثمر هذه الفرص العظيمة ونجتهد في العبادات وصلاة التراويح والقيام للتهجد في جوف الليل وقت السحر وهو أفضل الأوقات لاستجابة الدعاء؟ ونجتهد في التفرغ للعبادة في هذه العشر الأواخر التي كان يتفرغ فيها النبي- صلى الله عليه وسلم- للعبادة بإحياء سُنة الاعتكاف؟

نعم، علينا أن نجتهد في هذه الأيام المباركة ونلتزم بالطاعات والعبادات؛ حتى يخرج كل منا من شهر رمضان وهو مغفور الذنب بعد الصيام والقيام والطاعات… فهنيئًا لمن عمل صالحًا في تلك الأيام واستطاع أن ينال الثواب العظيم الذي وعدنا به الخالق جل شأنه.

ولا شك أنَّ الصلاة من أحبّ وأفضل العبادات وأقربها إلى المولى، عزّ وجلّ، ففيها تتحقق صلة المخلوق بخالقه، كما أنّ لها منزلة لا تعدلها منزلة أيّة عبادة أخرى، فهي عماد الدّين الذي لا يقوم إلا بها، وأكبر دليل على أهمية أداء الصلاة أنّها فُرضت في السماء السابعة مباشرة بين الله ورسوله في ليلة الإسراء والمعراج، وبالصلاة يتحقق توازن الظاهر والباطن للإنسان.

والله ولي التوفيق.

 

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر