تهدف هذه السلسلة من المقالات إلى استعراض أهم ملامح الخريطة الاستراتيجية لقطاع التعليم، بالتركيز هذه المرة على «التعليم المهني والتقني» الذي يمهِّد الطريقَ نحو ثورة توظيف غير مسبوقة في وطننا، باعتبار أن بلادنا تحتاج إلى سواعد أبنائها، بمختلف مشاربهم وتخصصاتهم، من خلال العمل الجاد الذي يُعزز الإنتاجية في المجتمع، ويخدم نمو اقتصادِنا الوطني.
وفي هذا الإطار قالت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي، وزير التربية والتعليم في كلمتها بمناسبة تدشين الاستراتيجية الجديدة للوزارة «2024-2030»: «إننا نطمح إلى التوسع في خيارات التعليم المهني والتقني والتعليم العالي ومواءمة البرامج مع احتياجات سوق العمل، كما نهدف إلى تطوير منظومة البحوث والابتكار وريادة الأعمال، من خلال إعداد الكفاءات واستقطاب أفضل المواهب وتعزيز برامج تمويل الأبحاث وزيادة مشاركة القطاع الخاص».
ولكن ما ذهبت إليه سعادة الوزيرة لن يتحقق ما لم تتوفر المدارس أو المعاهد، التي تمنح درجة الدبلوم المهني أو التقني، ويعي الأهالي أهميَّة دور الفنيين الذين يرفعون من شأن البلاد، عندما يزداد عدد المصانع بأنواعها، ويقوم الشباب القطري بإدارتها وزيادة إنتاجها، وتتحول النظرة المستقبلية للدولة نحو الاكتفاء الذاتي، وعدم الاعتماد على الواردات من الخارج، بوضع استراتيجيَّات في التطوير المهني، وتوفير الكليات التخصصيَّة للراغبين في تكملة تعليمهم المهني، كما يجب أن تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًا في توعية وترغيب الطلاب وإثبات ميولهم الفنية للراغبين في الالتحاق بالمدارس المهنية، التي لا بد من توفيرها في كافة أنحاء البلاد.
وفي اعتقادي أن النظرة المستقبلية تتطلب من الجهات المعنية بالدولة، أن تعمل على إعداد الكوادر الوطنية الفنية الماهرة والمؤهلة نظريًا وعمليًا لتلبية احتياجات سوق العمل في القطاعَين العام والخاص بما يدعم خطط التنمية المستدامة، بالإضافة إلى استقطاب الاستثمارات في مجال «التعليم المهني والتقني»، وتشجيع أفراد المجتمع على الالتحاق بالنظام التعليمي، وإتاحة الفرصة أمام خريجي التعليم المِهَني والتقني لاستكمال دراستهم في المنشآت التعليمية المختلفة، لتمكينهم من القيام بدورهم الأساسي، المتمثل برفد سوق العمل بمهارات مهنية من خلال توفير فرص التدريب المهني لإعداد القوى العاملة الفنية ورفع كفاءتها في مختلف تخصصات ومستويات التدريب المهني غير الأكاديمي، وكذلك تأهيل وتهيئة الشباب لإنشاء مشاريعهم الخاصة.
ولا شك أنَّ «التعليم المهني والتقني»، يُكسب المتعلم قدرًا من الثقافة والمعلومات والمهارات الفنية والمهنية على المستويَين العملي والنظري، ويعدُّه الإعداد الجيد لسوق العمل، ليصبح بعدها المتعلم مواطنًا منتجًا يسهم في تقدم بلاده، من خلال توفير خيارات وبدائل تعليمية تُكسب المتعلمين المهارات المهنية اللازمة، وترتقي بهم إلى مستويات تعليمية متقدمة، عن طريق تدريبهم على تقنيات وأساليب وطرائق مهنية وتقنية جديدة تعزز خبراتهم الحياتية، كما أن جميع المؤشرات في الوقت الحالي تشير إلى أن التعليم الفني والتدريب المهني، سيلعبان مستقبلًا دورًا محوريًا في تسيير دفة الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالدولة.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا
والبيئة بجامعة قطر
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.