الأعياد مواسم للبهجة والمرح والتلاقي الاجتماعي، والأطفال هم أكثر من يبتهجون بها، باعتبارهم أصحابَ النصيب الأكبر، من فرحة الأعياد التي تُستمد من ابتسامتهم وملابسهم الجديدة، وما يحصلون عليه من «عيدية»، حيث تمتلئ ساحات المساجد منذ الصباح الباكر بمئات الأطفال، الذين تصحبهم أسرهم وعائلاتهم لأداء صلاة العيد، لإدخال الفرحة إلى قلوبهم، إذ يعتبر الذهاب إلى أداء صلاة العيد مع الأهل من الأمور المُحببة إلى نفوس وقلوب الأطفال، الذين ينتظرون الذهاب إليها مع أولياء أمورهم في كل عام.
وتأخذ عملية تعويد الأطفال على الخروج بصحبة آبائهم وذويهم لتأدية صلاة العيد، ووجودهم وسط حشود المُصلين في الساحات والمساجد أهميةً تربويةً وسلوكيةً وهدفًا حيويًا في بناء مُقوّمات التربية الإيمانيّة للطفل، كما تُضفي صلاة العيد جوًا إيمانيًا وروحيًا عطرًا، على النفس بهذه العبادة الممزوجة ببهجة وفرحة المُصلين من الأعمار كافة، إذ تحسن حالتنا النفسية وتدخل البهجة والفرح على قلوبنا، فمن الجميل أن يُشجعَ الوالد أبناءه على مُرافقته لأداء صلاة العيد، فهذا سيكون من الذكريات التي لن ينسوها، خصوصًا أن بعد أداء الصلاة يُهنئ جميع من في المسجد بعضهم بعضًا، وإن لم يكونوا على معرفة مُسبقة، وهكذا يتعلم الأبناء كيف أن الابتسامة والتحيّة والتهنئة من الأمور التي توطد العَلاقات الإنسانيّة والاجتماعيّة.
والأعياد من المُناسبات التي تشيع السعادة والبهجة بين الناس، وتُقوّي معاني الألفة والمودة فيما بينهم، مثل تبادل الزيارات والتهاني والدعوات والمُجاملات، وبذل الهدايا والأعطيات للصغار والضعفاء والمحرومين، ليُشاركوا الناس فرحتهم بالعيد، وتنعمهم بالطيّب من الطعام والشراب واللباس، وكل ذلك يُقوّي أواصر المحبة والترابط بين أفراد المُجتمع، فالعيد احتياج نفسي لأنه يخرجنا من رتابة الحياة، حيث ينتظر الكثيرون عطلة العيد لأخذ قسط من الراحة، بعيدًا عن أعمالهم وأشغالهم، التي ظلت تُرهقهم طَوال العام، كونها مُتنفسًا جيدًا لجميع أفراد العائلة، إذ يبدأ الترتيب لها منذ اليوم الأول، بزيارة الأهل والأقارب، وقضاء أوقات خاصة ومُمتعة مع أفراد العائلة، خصوصًا أن هنالك الكثير من الأنشطة التي يمكن القيام بها، والعديد من الأماكن التي يمكن زيارتها لقضاء الإجازة، والاستمتاع بأوقات مُمتعة مع العائلة والأصدقاء.
ونصيحتي لكم لكي تعيشوا بهجة العيد السعيد، ابتكروا فيه لحظاتٍ لا تُنسى، ازرعوا الفرحة في قلوب أبنائكم وأمهاتكم وآبائكم، ونسائكم، ورجالكم، من لكم حق عليهم، العيد هدية من الله لنا خصوصًا، والأحق بنا أن نعيشه بسعادة وفرح وسرور يعمّ أرجاء بيوتنا، انسجوا فرحة من خليط الماضي والحاضر، وأحيوا تقاليد العيد في بيوتكم بطريقة لا يمر بها العيد عاديًا يشبه باقي الأيام، وبلمسات مُشرقة تُبهج الصغار والكبار، أحيوا مشاعر العيد ولذته في قلوب أبنائكم كما كنا نستشعر لذته سابقًا، وكل عامٍ وأنتم بأمان وعافية تُلازم أجسادكم، وخيرٍ لا يُفارق أيامكم، كل عام والأمة الإسلامية بخير وسلام، أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليُمن والبركات.
والله ولي التوفيق
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر