تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)
لكل إنسانٍ طاقةٌ داخليةٌ يسعى جاهدًا للمُحافظة عليها واستثمارها بالشكل الأمثل لتحقيق أهدافه وإنجاز مهامه اليوميّة. ومع ذلك، قد نجد أنفسنا في بعض الأيام نشعر بالإرهاق والتعب دون أن نُنجزَ الكثير، والسبب قد لا يكون دائمًا في نقص النوم أو سوء التنظيم. أحيانًا يكون السبب في وجود أشخاصٍ يُطلق عليهم علماء النفس «لصوص الطاقة». هؤلاء الأشخاص، بقصدٍ أو دون قصدٍ، يستهلكون طاقتنا النفسية والعاطفية، ما يجعلنا في حالةٍ من الإرهاق وعدم التركيز. هناك أشكال عديدة لهؤلاء الأشخاص، فمنهم من ينشر السلبية والتشاؤم بشكل مستمر، ما يؤثر على حماسك وطاقتك الإيجابية، وآخرون يبالغون في عرض مشكلاتهم ويجعلونها محور حياة من حولهم، ما يستهلك وقتك وجهدك العاطفي، وكذلك هناك من لا يتوقف عن الشكوى أو النقد الدائم، وأيضًا هناك الأشخاص المسيطرون الذين لا يمنحونك مساحةً للتعبير عن نفسك أو يستخفون بمجهوداتك. لكن لم يعد الأمر مقتصرًا على الأشخاص في محيطنا المباشر. مع تطوّر التكنولوجيا، ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إنها من أكبر مصادر استنزاف الطاقة، ساعات طويلة نقضيها في التصفّح دون هدفٍ، ونُقارن أنفسنا بآخرين يعيشون حياةً تبدو مثاليةً، ونغرق في جدالاتٍ أو نتعرض لتعليقاتٍ سلبيةٍ تؤثر على حالتنا النفسية، الإشعارات المستمرة التي تقاطع تركيزنا دون انقطاع تزيد من هذا الاستنزاف بشكل خفي. لحماية أنفسنا، علينا أن نبدأ بوضع حدودٍ واضحةٍ مع من يسرق طاقتنا، سواء كانوا من الأشخاص المُحيطين أو عبر الشاشات، تعلم عزيزي القارئ أن تقول «لا» عندما تحتاج إلى وقت لنفسك، وحدّد أوقاتًا معينةً لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتجنب متابعة الحسابات السلبية، وأوقف الإشعارات التي تشوش ذهنك، وخصص وقتًا لـ «ديتوكس رقْمي» تبتعد فيه عن الأجهزة لتجديد طاقتك، وأحط نفسك بأشخاص إيجابيين يدفعونك للأمام. الحفاظ على طاقتنا مسؤوليتنا الشخصية، قد لا نستطيع تجنب لصوص الطاقة تمامًا، سواء في حياتنا الواقعية أو الرقْمية، لكن بإمكاننا تقليل تأثيرهم على حياتنا من خلال الوعي بممارساتهم واتخاذ خطواتٍ بسيطةٍ للحفاظ على طاقتنا. في النهاية، نحن الأقدر على تحديد أولوياتنا وحماية أنفسنا من أي عوامل تؤثر على سعادتنا وإنتاجيتنا. ختامًا، طاقتنا هي المُحرِّك الأساسي لحياتنا، وهي أثمن ما نملك لتحقيق أحلامنا وأهدافنا، قد تواجهنا تحديات عديدة ومصادر للإرهاق، ولكن بوعينا وإصرارنا يمكننا التغلب عليها، غدًا دائمًا يحمل فرصةً جديدةً، ونورًا آخر ينبعث في حياتنا لنبدأ من جديد بطاقةٍ متجددةٍ وأملٍ كبيرٍ، المستقبل بين أيدينا، وعلينا أن نحميَ طاقتنا لنصنع منه ما يليق بطموحاتنا، فالطاقة سواء الإيجابية أو السلبية دائمة التنقل والحركة ودائمة التدفق، وكل منهما تنجذب لما يشابهها سواء بالأشخاص أو الأشياء، فكل حركة أو كلمة من شخص أو كائن مبنية على طاقة وتنقل طاقة، وكل فكرة تحمل طاقة أو تجلب طاقة، بل إن الأفكار تنتقل بالطاقة دون لسان. والله ولي التوفيق،،، أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر