في ظلِ المستجداتِ والتطوُّرِ الذي يشهدُه العالم، كان لابدَّ أن يستعيد التلفزيون قدراتِه وإمكاناتِه من حيث الشكل والمحتوى، خصوصًا أنَّ الفضائيات الأخرى تحوَّلت إلى ما يُشبه الخبز اليومي للمُشاهدين من خلال تنوُّع مصادر إنتاجها وتعدد برامجها وانتقاء مذيعيها ومذيعاتها وولوجها عوالم جديدة من العمل الإعلامي، الحاضر دائمًا والمعايش للحدث والمتابع له، لذلك بدأ «تلفزيون قطر» يستعيد عافيتَه وتألقَه وحضورَه وعصرَه الذهبي.
وحقَّق التلفزيون خلال الدورة البرامجيَّة الحالية نجاحات واضحة، وهو يقوم بتقديم العديد من البرامج الهادفة والتغطيات للأحداث بصورة مناسبة ومواكبة للتطلعات، وبالرغم من ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار منصَّاتها، فإنَّ التلفزيونَ ظل «الضيف الدائم» في كل بيت فخلال الزيارات العائلية، واجتماع الأسرة على الطعام، بل وفي المُستشفيات والمؤسَّسات الحكوميَّة، وحتى خلال تأدية الأعمال المنزليَّة، أو حتى عند تصفح مواقع التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية، يظلُّ التلفزيونُ في خلفية المشهد يستعرض برامجَه الاجتماعية والسياسية والرياضية، بالإضافة إلى مُسلسلاته الدرامية وأفلامه الكلاسيكيَّة.
وشهدنا خلال الفترة الماضية تألقَ «تلفزيون قطر» ببرامجه الشيقة، التي استطاعت أن تجذب الجمهور وتحصد إعجابه وإشادته لما يقدمه من متعة مختلفة ومميزة بعيدًا عن الجو المعتاد والتقليدي للبرامج التي يتابعها الجمهور بشكل مستمر عبر الشاشات، وبالتالي يصبح هذا الجهاز أداة انتصار لتجميع العائلة وليس تفريقها، وتستطيع شاشته السحريَّة أن تستعيد مكانتها وأهميتها في عيون كل الأسرة، على الرغم من المُنافسة التي تتلقاها من أجهزة الهاتف الذكية، وشبكات الإنترنت، التي تقدم نفس المواد الإعلاميَّة لمن يريد، ولكن بإعلانات وحميمية أقل، وانفصال أكثر عن باقي الأفراد.
ويحرصُ التلفزيونُ على استقطابِ أكبرِ عددٍ من المُشاهدين والمُتابعين في مُناخٍ إعلامي يشهد منافسةً كبيرةً وذلك عبر برامج منوعة ومفيدة تصغي إلى نبض الشارع القطري وتتواصل مع الجمهور أينما كان، وقد عملت مختلف الأقسام بالتلفزيون على مدى الأيام الماضية بنسق حثيث حتى يكون الجميع في الموعد لتقديم محتوى تلفزيوني يتناسب وتطلعات الجمهور ومُستوى التميز الذي اعتادَه «تلفزيون قطر» في الآونة الأخيرة.
ولأن إدارة التلفزيون تفكر دائمًا بإيجابية وهذا هو الدور الذي ينبغي على أي مؤسسة إعلامية القيام به، والذي يتمثل في زرع الأمل في نفوس الجميع وإيجاد الحلول الإيجابية للمشكلات التي تؤثر مباشرة على الأشخاص بالسلب سواء على حياتهم النفسية أو اليومية والمهنية من خلال تذليل العوائق والعقبات والأزمات التي تواجههم وتعرقل طريقهم.. فهو يبحث بصفة مستمرة عن التطوير، فقد مرَّ بأكثر من مرحلة تطوير لمواكبة المجال الإعلامي ليس على مستوى المنطقة فقط وإنما على مستوى العالم. تقنيات وأفكار وسواعد وخبرات كلها تهدف إلى نفس التطلعات ونفس النتيجة ألا وهي الإبداع والتفرد والنجاح.
ويجني «تلفزيون قطر» ثمار استثماره في المواهب الإعلامية القطرية الشابة، جنبًا إلى جنب مع الخبرات الإعلامية، حيث تزخر شاشته بالعديد من الكوادر الوطنية التي حققت نجاحات مميزة واستطاعت خلال الفترة الماضية، إثبات جدارتها عبر مواكبة مختلف القضايا والأحداث والتطورات في المجتمع وتقديمها في قالب احترافي مرن ومبسط للجمهور الكريم على مدار الساعة من خلال البرامج الحوارية والمجتمعية والمتخصصة، فضلًا عن جهود التوعية ودعم الجهات المعنية في مختلف المجالات والقطاعات.
وبدورها، تسعَى المؤسَّسة القطرية للإعلام من خلال استراتيجية طموحة إلى تقديم محتوى إعلامي يلامسُ بشكل مباشر تطلعات المواطن القطري، كما يجذب المشاهد والمتابع من خارج قطر بمادة إعلامية قيِّمة وهادفة.
والله ولي التوفيق
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر